Dhaqanka Aasaasiga ah ee Umam: Hierarkiyadda iyo Jamhuuriyadda
الأسس الثقافية للأمم: الهرمية والعهد والجمهورية
Noocyada
لم تكن إيطاليا الوحيدة في إحياء الأخلاقيات الجمهورية؛ فيمكننا سماع أصداء الوطنية الرومانية، أو صورتها المثالية، في الكانتونات السويسرية، والمدن الألمانية، والمقاطعات الهولندية. وبالتأكيد، أصبح أداء القسم جزءا لا يتجزأ من تكوين «الاتحاد السويسري القديم». بعد الانتصارات السويسرية على جيوش هابسبورج في زيمباخ عام 1386 وفي نيفيلس عام 1388، جذب الاتحاد إلى عصبته دولا مدنا قوية مثل لوسيرن وبيرن وزيورخ ومن بعدها جنيف، ومع توسع الاتحاد أصبحت توجد أنواع جديدة من القسم أكثر شمولية من سابقتها، مثل قسم ميثاق الكهنة الذي يعود لعام 1370، وقسم ميثاق زيمباخ الذي يعود لعام 1393، وكان الهدف من أداء هذه الأنواع من القسم هو الدفاع المشترك لصد انتهاكات هابسبورج، وبحلول القرن السادس عشر كان الغرض من أداء القسم هو رفاهة هيلفيتيا. وكان لهذا التراث تأثيراته على كل من المؤرخين السويسريين أمثال إيجيديوس تشودي والإصلاح السويسري؛ إذ نجد أن السياسيين والباحثين الإنسانويين أمثال يوهانيس شتومف وهاينريش بولينر «حاولوا تعريف الاتحاد السويسري بأنه كيان سياسي وثقافي مستقل داخل «الرايخ».» علاوة على ذلك، ارتبطت الأيمان والمعاهدات ارتباطا جيدا بمثل العهد الذي كان المصلحون السويسريون، كما رأينا، محايدين تجاهه من الناحية العملية. وتبنت المقاطعات الهولندية أيضا التقاليد «الرومانية ». ورغم قلة الفعالية والقوة مقارنة بتراث العهد، فإن أسطورة الجمهورية الباتافية القديمة والمقاومة الشعبية ومؤامرة كلاوديوس سيفيليس على روما كانت ذات تأثير لبعض الوقت بين المفكرين والفنانين الهولنديين، وتوافقت جيدا مع استخدام مصطلح «أمة» للهولنديين ومع روح حروب الاستقلال الهولندية؛ مما يرمز إلى الوعي الوطني الناشئ والإحساس بالهوية القومية المنفصلة.
9
رغم ذلك، عندما نظر المفكرون والمحترفون الفرنسيون إلى الوراء من أجل استرجاع تراث الجمهوريانية المدنية وتعديله وفقا لأهدافهم، وجدوا أنه من الضروري العودة إلى مصادره في العالم اليوناني الروماني وتشكيل تلك المصادر من جديد. إعادة اكتشاف التراث وتعديله هما على الأرجح أقل طرق ارتباط الماضي بالحاضر قوة؛ ولهذا السبب بالتحديد تكون عملية الاسترجاع في أغلب الأحيان مرهقة، وواضحة، وقوية. بالإضافة إلى ذلك، ربما نظرا لأن التراث الجمهوري والمدني للعالم اليوناني والروماني لم «ينتقل» من خلال مؤسسة واحدة قوية ومستمرة مثل الكنيسة، بل استرجع على فترات متقطعة على يد المدن والدول المدن والكانتونات الساعية إلى الشرعية والمعنى فيما كان معروفا ومرويا عن العالم اليوناني الروماني في ذلك الوقت، فإن تراث الجمهوريانية المدنية لم يظهر مجددا على نحو كامل إلا في أواخر القرن السابع عشر والقرن الثامن عشر. الأهم من ذلك أن إحياءه تأخر طويلا بسبب تضافر العقيدة الدينية والحكم الهرمي لاستبعاد كل ما اعتبر تراثا علمانيا ومؤسسات علمانية. ولم يتمكن التراث العلماني المتمثل في الجهورية المدنية من البدء في الظهور إلا بعدما بدأت الدولة الحديثة والمهنية والعلمية تتحرر من سيطرة الحكم الفردي وأشكال التنظيم الهرمي. وحتى عند تحقيق ذلك، كانت الأمثلة الأولية للأنماط السياسية الجمهورية خارج الدول المدن في هولندا وإنجلترا ذات الكومنولث؛ ناشئة عن المؤسسات الدينية والحماس البيوريتاني في أمم العهد. ولم يبدأ أي من أشكال الجمهوريانية القومية الجديدة في الازدهار إلا بعد أن بدأ تراجع جاذبية الأنواع الدينية التقليدية وسيطرتها. في هذا الصدد، تمثل إنجلترا القرن الثامن عشر الدولة العلمانية الأكثر «تقدما»؛ فحتى الخطب العامة لكبار رجال الدين تشهد على تراجع أفكار الكتاب المقدس المتعلقة بالأممية ونموذج إسرائيل القديمة بعد منتصف القرن الثامن عشر، وتشهد كذلك على ظهور التصورات العلمانية والكلاسيكية والوطنية.
10
فكرة أن القومية الجمهورية العلمانية لا يمكن أن تظهر إلا بعد تراجع المشاعر والمثل الدينية «العامة»؛ هي واحدة من الموضوعات الأساسية في تحليل ديفيد بيل ل «عبادة الأمة» في فرنسا القرن الثامن عشر. يقول بيل إن مصطلحات مثل «الأمة» و«الوطن» انتشرت في فرنسا القرن الثامن عشر بسبب التحولات الأساسية في الطرق التي بدأ الفرنسيون يفكرون من خلالها في علاقاتهم بكل من الرب والعالم المادي. لم يتمثل الأمر في أنهم كفوا عن الإيمان بالرب، حتى لو كان ترددهم على الكنيسة قد انخفض إلى حد ما، بل تزايد ابتعاد الرب، تاركا العالم وشأنه، أو على الأحرى تاركا العالم لبشر أصبحوا الآن قادرين وجاهزين لإعادة تشكيله وفقا لاحتياجاتهم واهتماماتهم الإنسانية؛ ونتيجة لذلك، ازداد الاتجاه إلى خصخصة الدين التقليدي. وبعبارة أخرى، شغلت المساحة الشاغرة مفاهيم جديدة تتمثل في المجتمع والحضارة والأمة، وطرق جديدة للتفكير في العالم المادي والسياسي وتنظيمه، متحررة من القرارات الدينية على الأقل بين النخب. وكمثال مبكر على المفاهيم والطرق الجديدة، يقدم لنا بيل سرد روسو عن عمل المشرعين القدماء ليكروجوس، ونوما بومبيليوس، وموسى. وفي حالة موسى، لم يقتصر روسو على تدمير التاريخ المقدس لليهود وإحلال تاريخ سياسي علماني محله، بل طرح أيضا أول أمثلة على فكرة البناء الاجتماعي، أي «بناء الأمة» في هذه الحالة، ومدح موسى لأنه كون ونفذ «المبادرة المذهلة المتمثلة في تكوين كيان قومي من مجموعة من الهاربين التعساء ... لقد كان موسى جريئا لدرجة كافية مكنته من تحويل هذه الجماعة المتجولة والمستعبدة إلى كيان سياسي وأشخاص أحرار.»
11
كان يوجد سبب آخر أكثر تحديدا في السياق الفرنسي لزيادة خصخصة الدين بين النخب، وهذا السبب هو الذكرى المؤلمة للمذابح المريعة التي خلفتها الحروب الدينية بين الكاثوليك والبروتستانت في فرنسا في أواخر القرن السادس عشر. تلك الذكريات كانت لا تزال حاضرة في القرن الثامن عشر، لا سيما بين المهنيين والمفكرين، وتسببت في كراهية متزايدة للتعصب الديني . وبالفعل في القرن السادس عشر كان التوسل ب «الوطن» المشترك والمصالح المشتركة لكل الفرنسين مسموعا في الغالب، لكنه لم يحقق إلا قدرا قليلا من الجدوى. وبحلول عام 1600، حل محل هذه المناشدات تركيز جديد على السلالة الحاكمة والدولة الملكية. إلا أنه نظرا للدور المشبوه الذي لعبته الدولة في الحروب الدينية، وتراجعها الواضح أثناء القرن الثامن عشر، فقد تزايد اتجاه الرجال والنساء إلى مفاهيم حيادية وأكثر أملا، كما يرى بيل، وهي مفاهيم الأمة والمجتمع والحضارة والشعبية و«الوطن» التي من خلالها فهموا وأعادوا بناء فرنسا.
12
رغم ذلك كله، فقد كانت علمانية التنوير أحد العوامل التي جعلت مفهوم الأمة يحظى بالصدارة؛ فعلى الرغم من عداء المفكرين ل «النظام القديم»، فإن آثار قوة ومركزية الدولة المتزايدة على فكرة المجتمع القومي لا يمكن إنكارها. وفي حين احتفظت مناطق عديدة بهوياتها الثقافية المستقلة، فقد كانت السيطرة الثقافية والسياسية لباريس يوميا أكثر وضوحا، وكذلك كان الإحساس بفرنسا كمجتمع إقليمي مستقل. ويمكن رؤية ذلك في خرائط فرنسا في القرن الثامن عشر، ولوحات فنية مثل سلسلة اللوحات التي رسمها كلود جوزيف فيرنيه لمناظر الموانئ في بداية الفترة الرومانسية. عززت المنافسة مع بريطانيا هذا الإحساس بالهوية الناشئة، لا سيما أثناء حرب السنوات السبع، وحروب الاستقلال الأمريكية التي ساعدت فرنسا في تمويلها. وعزز هذا الإحساس بصفة خاصة حاجة النخب القوية إلى استرجاع القيادة السياسية والثقافية التي كانت تمتلكها الدولة في القرن السابع عشر المعروف ب «القرن العظيم»؛ تلك القيادة التي شعروا أنها تتراجع في ظل نظام ضعيف ومستبد.
أخيرا، يجب ألا نغفل أهمية النماذج الجمهورية والعهدية التي قدمتها الجمهورية الهولندية، والكومنولث الإنجليزي وإن كان قصير العهد، والثورة المجيدة في وقت لاحق؛ فهذه ليست مجرد مسألة تأثير مارسته إنجلترا وحرياتها على المفكرين الفرنسيين المستقلين بصفة خاصة، بل هي مسألة أسلوب سياسة جديد قدمته قومية العهد: فكرة أن مجموعة من الرجال يمكن أن يدخلوا في عهد مع الرب والملك بإرادتهم الحرة، ويتخلون عن الهيئات الوسيطة، وأن هذه المجموعة تستطيع من خلال جماعاتها التشريعية سن قوانين وإبطالها، والتعبير عن الإرادة العامة للمجتمع السياسي داخل إقليم معين. وهنا يكمن حافز جديد قوي لتكوين أمة فرنسية مستقلة وموحدة لا تخضع لمساءلة أحد إلا أفرادها. ومن هذا المنطلق، يمكننا أن نرى أن مفهوم الأمة الجمهورية المدنية لم ينشأ فقط من تقليد الوطنية الكلاسيكية في بلاد الإغريق وروما وإيطاليا العصور الوسطى والكومونات والكانتونات الشمالية الحرة، بل قام أيضا على معتقدات وسير الكتاب المقدس بدرجة أكبر من اعتماده على المعتقدات والسير الكلاسيكية، حتى مع العلم بأن تلك المعتقدات نفسها قد تعرضت للإنكار في مراحل لاحقة مع الإطاحة بها في بعض الحالات. (2) القومية الجمهورية
Bog aan la aqoon