88

معروضه ، ووجود العرض متوقف على وجود المعروض.

ويمكن دفعه بأنه لا شك أن الطلب إنما يتعلق بالصورة الذهنية باعتبار حكايتها عن الخارج وانطباقها عليه لا بنفس الخارج ؛ ضرورة أن تعلقه به يؤدي إلى تحصيل الحاصل ؛ لاستحالة انفكاك العرض عن المعروض ، وحينئذ فالفعل المقيد بداعي الأمر بما هو فعل خارجي وإن كان يتوقف على سبق وجود الأمر ، لكنه ليس متعلقا للأمر وإنما المتعلق هو الصورة الذهنية لهذا المقيد المنطبقة على الخارج وهي غير متوقفة على وجود الأمر ؛ ضرورة إمكان تصور الضرب بداعي الأمر مثلا مع عدم تعلق أمر به اصلا.

وقد تقرر الدور بوجه آخر وهو : أنه لا شك أن الأمر متوقف على قدرة المأمور على المأمور به ؛ ضرورة استحالة صدور الأمر بغير المقدور من الحكيم ، فإذا كان المأمور به هو الفعل بداعي الأمر فالقدرة عليه أيضا متوقفة على وجود الأمر كما هو واضح.

ويمكن دفعه أيضا بأنا لا نسلم أن الأمر يتوقف على سبق القدرة ، وإنما الثابت بالعقل هو أن الامر لا يجتمع مع العجز حين الامتثال ، فلو فرض أن الآمر عند قوله : طر إلى السماء يوجد القدرة في المأمور بمجرد نظره فلا مانع من هذا الأمر عقلا ، والحاصل أن القدرة بالأمر يكفي في صحته ولا يحتاج إلى القدرة قبله.

وذكر في الكفاية ما حاصله : أن القدرة غير متحققة هنا حتى بعد الأمر ؛ لأن ذات الفعل خال عن الأمر بالفرض فلا يمكن الإتيان به بداعي أمره. لا يقال : إن الوجوب يسري من المقيد إلى المطلق لكونه جزئه ، لأنا نقول : المطلق جزء عقلي للمقيد لا خارجي ؛ إذ ليس في الخارج إلا وجود واحد ولا معنى للوجوب النفسي في الجزء العقلي ولا للمقدمي بعد فرض الاتحاد في الوجود الخارجي.

ويمكن أن يقال : إن المطلق الذي هو قسم للمقيد وإن كان لا يصير واجبا بوجوب المقيد ، ولكن الذات المهملة التي هي مقسم لهما يصير واجبا كذلك ، لأن عرض القسم يضاف إلى المقسم على وجه الحقيقة ؛ إذ أصل الوجود يضاف إليه بلا

Bogga 91