المعنى ، ولكونه كاشفا عنه محدثا لهذا العنوان بالعلية الانجعالية القهرية ، لا أن يكون بعنوانه الأولي محدثا لهذا العنوان بالعلية الجعلية ، وذلك لما عرفت سابقا من أن العلية أمر كامن في ذات العلة ولا يقبل الجعل ، وذلك كما في عنوان المعاملة ؛ فإن من الواضح عدم تحقق هذا العنوان بمجرد تحقق رضى القلبي من الطرفين بالنقل ، بل لا بد من إظهار هذا الرضى القلبي والكشف عنه بقول أو فعل ، فيحدث بتبع هذا الإظهار والكشف عنوان المعاملة ، فيكون معنى بعت على هذا هو الرضى الموجود في النفس فعلا بالنقل ، وكذلك عنوان النكاح ؛ لوضوح عدم تحققه بمجرد الرضى القلبي من الطرفين بالتزويج ، بل لا بد من صدور الكاشف عن هذا الرضى القلبي منهما فيحدث بتبعه عنوان النكاح ، فمعنى أنكحت على هذا هو الرضى القلبي الفعلي بالتزويج.
ونظير ذلك عنوان التعظيم ؛ لعدم تحققه بمجرد تحقق العظمة للمعظم بالفتح في نفس المعظم بالكسر ، بل لا بد من إظهار هذه العظمة النفسانية وإبرازها بسلام أو قيام أو ركوع ونحوها ، فيحدث بتبع هذا الإظهار عنوان التعظيم ، ونظير ذلك في المعاني التصورية للألفاظ المفردة أيضا موجود ؛ فإن اللفظ الدال يحدث عند سماعه بواسطة دلالته على معناه انتقاش صورة معناه في ذهن السامع ، فليس هذا الانتقاش معناه الأولي ، بل يكون حادثا في طول دلالته على معناه وبسببها.
إذا تقرر ذلك فنقول : لا يخفى أنه متى تحقق في النفس الإرادة من الغير فما دام هذه الإرادة مكنونة في نفس المريد ولم يظهرها لهذا الغير وإن التفت هو إليها من غير قبله برمل ونحوه لم يحدث بينهما شيء أصلا ولم يكن في البين سوى هذه الحالة النفسانية.
وأما إذا أظهر المريد الإرادة الحاصلة في نفسه لهذا الغير فيقع هذا الغير في قيد هذه الإرادة بحيث يتحرك إلى العمل لو كان منقادا ، فهذا المعنى أعني إيقاع الغير في قيد الإرادة قد استحدث ببركة إظهار هذه الإرادة النفسانية بعد ما لم يكن شيئا موجودا ، سواء كان إظهار الإرادة بالصيغة أو بالإشارة كما في أوامر رؤساء العسكر ، ومن أجل وجود هذا المعنى المستحدث قد افيد أن هنا معنيين يعبر عن
Bogga 81