بقبح ملزم ويجب على المولى الأمر والنهي المولويين في مثل هذين من باب اللطف ، إلا أنه في هذين لا يمكنه ذلك.
فقد يقال في وجه عدم الجواز بأنه مستلزم للتسلسل ، بيانه أن الأمر باطاعة الأمر المعلوم محقق لموضوع الإطاعة بالنسبة إلى هذا الأمر الثاني ، فيكون هنا بعد هذا الأمر إطاعتان ، إطاعة حقق موضوعها الأمر الأول بذات العمل مع العلم به ، والاخرى حقق موضوعها الأمر الثاني بإطاعة الأمر الأول مع العلم به ، وتكون هذه أيضا مشتملة على الحسن الملزم ، فيلزم الأمر بها أيضا ثالثا ، ثم يتحقق إطاعة اخرى للأمر الثالث ، فيتحقق في حق المكلف ثلاث إطاعات لثلاثة أوامر ، وإطاعة الأمر الثالث أيضا مشتملة على الحسن الملزم فيلزم الأمر به رابعا ، ثم ننقل الكلام في إطاعة الرابع وهكذا إلى غير النهاية ، ولو اقتصر على الأمر ببعض الإطاعات دون بعض يلزم الجزاف ؛ لكونها أمثالا والحكم في الأمثال واحد ولا مرجح لبعضها.
وهذا مخدوش بأنه لا يوجب المحذور من حيث إنشاء الأمر ولا من حيث امتثال المأمور ، أما الأول فلأنه لا يحتاج إلى أزيد من إنشاء واحد للأمر بإطاعة الأمر بذات العمل، ثم إطاعة هذا الأمر الثانوي أيضا مشمولة لهذا الإنشاء أيضا ، غاية الأمر قد حدث موضوعه بنفس هذا الإنشاء ، ولا بعد في شمول الحكم للفرد الذي وجد بنفس الحكم كما في القضية الطبيعية ، مثل ما لو قال : كل خبري صادق ؛ فإن موضوع هذا الخبر أعني الإخبار بأن كل خبري صادق لا يتحقق إلا بعد تمام الحكم بتمام موضوعه ومحموله ، لكن مع ذلك يكون هذا الفرد داخلا في عموم الحكم ؛ فإن الحكم قد تعلق بطبع الخبر ، فهنا أيضا ينشأ الأمر بطبع إطاعة الأمر فيقول : أطع أمري ، ثم هذا بعمومه يشمل إطاعة هذا الأمر التي حدثت بنفسه ويكون أمرا بها أيضا ثم بالإطاعة الحاصلة من هذا الأمر ثالثا وهكذا إلى غير النهاية.
وأما من حيث الامتثال فلأن المأمور يمتثل جميع هذه الأوامر بعمل واحد وإتيان واحد لنفس العمل ، وعند هذا تنقطع سلسلة الأوامر المترتبة.
لا يقال : فقل مثل ذلك في المقام الأول ؛ حيث أوردت على احتياج القطع بجعل
Bogga 367