جهة كون الهيئة على تقديره مستعملة في الاستحباب ، وأما الوجه الأول فهو السليم عن مخالفة الظاهر.
وحينئذ فنقول بعد عدم إمكان حفظ ظهور المطلق والمقيد معا كما هو المفروض لا بد إما من التصرف في المطلق وإما في المقيد بأحد النحوين ، إما بالتصرف في الهيئة بحملها على الاستحباب كما هو الوجه الثاني ، وإما بالتصرف في القيد بحمله على أنه اتى به بغرض الإرشاد إلى الفضيلة كما هو الوجه الثالث ، وحيث لا معين لأحد هذه الثلاثة فلا بد من التوقف.
وأما لو علم بوحدة السبب ، كما لو صرح بأن الظهار سبب لوجوب عتق الرقبة ويقول منفصلا عن ذلك : الظهار سبب لوجوب عتق الرقبة المؤمنة ، فيتعين حينئذ التقييد ، أما رفع اليد عن الظاهر الأولي من ثبوت التكليفين فبوحدة السبب ، فيعلم من وحدتها وحدة التكليف المسبب ، أما تعيين التقييد من بين الوجوه الثلاثة المردد بينها بعد رفع اليد عن الظاهر الأولي فلأنه على التقديرين الآخرين يلزم نسبة العلة الثابتة لأصل وجوب الطبيعة إلى المقيد وهي غير صحيحة ؛ إذ ليست العلية كالعوارض الطارئة على الطبيعة ، فإنه يصح نسبة وجوب الإكرام المتعلق بطبيعة الرجل إلى الرجل الأسود ولكن لا يصح إثبات علية ما يكون علة لأصل الطبيعة للمجموع منها ومن القيد ؛ وذلك لأن استناد الطبيعة في مقام الإيجاد يكون إلى هذه العلة وأما الخصوصية فليس اختيارها بعلية هذه العلة بديهة ، بل يكون بعلية أمر آخر ، ولكن يصح نسبة ما يكون علة لمجموع الطبيعة والتقيد من حيث المجموع إلى كل منهما.
وإذن فيتعين حمل المطلق على المقيد والجمع بأن نسبة العلية في المطلق من باب نسبة علة الكل إلى الجزء ، ونسبتها في المقيد من باب نسبة علة الشيء إلى نفسه ، هذا.
وقد عرفت مما ذكرنا أنه لا بد في حمل المطلق على المقيد من إحراز مقدمتين ، الاولى وحدة التكليف والاخرى وحدة السبب ، وإن شئت قلت : يحتاج إلى مقدمة واحدة وهي إحراز وحدة السبب ، وهذا على خلاف مذاق المشهور من اعتبار
Bogga 343