178

قلت : الحكم باتحاد الوجود السعي مع الوجودات الخاصة في الخارج لا بد له من ملاحظة مغايرة بين الموضوع والمحمول حتى يجعل أحدهما موضوعا والآخر محمولا ، ولا ينافي ذلك الحكم بالاتحاد ؛ لأنه بنظر آخر.

وبعبارة اخرى : للاحظ ملاحظتان ، إحداهما تفصيلية والاخرى إجمالية ، فهو بالملاحظة الاولى يرى المغايرة بين الموضوع والمحمول ؛ ولذا يجعل أحدهما موضوعا والآخر محمولا ، وبالملاحظة الثانية يرى الاتحاد.

فحينئذ لو عرض المحمول شيء في لحاظه التفصيلى فلا وجه لسريانه إلى الموضوع لمكان المغايرة في هذا اللحاظ ، وبهذا اندفع الإشكال عن المقام ونظائره مما لم تسر الأوصاف القائمة بالطبيعة إلى أفرادها من قبيل الكلية العارضة للإنسان مثلا ، وكذا وصف التعدد العارض لوجود الإنسان بما هو وجود الإنسان مع أن الفرد ليس بكلي ولا متعدد ، وكذا الملكية العارضة للصاع الكلي الموجود في الصيعان الموجودة في الصبرة ، حيث حكموا بأن من اشترى صاعا من الصبرة الموجودة يصير مالكا للصاع الكلي بين الصيعان ، والخصوصيات ليس ملكا له ، وفرعوا على هذا أنه لو تلف منها شيء فالتالف من مال البائع ما بقي مقدار ما اشترى المشتري ، فافهم واغتنم.

فإن قلت : كيف يمكن أن يكون هذا الوجود المجرد عن الخصوصيات محبوبا أو مبغوضا وليس له في الخارج عين ولا أثر ؛ لأن ما في الخارج ليس إلا الوجودات الخاصة ، ولا شبهة في أن المحبوب والمبغوض لا يمكن أن يكون إلا من الامور الخارجية ؛ لأن تعلق الحب والبغض بشيء ليس إلا من جهة اشتماله على آثار توجب ملائمة طبع الآمر له أو منافرته عنه ، وليس في الخارج إلا الوجودات الخاصة المبائنة بعضها مع بعض.

قلت : إن أردت من عدم كون الوجود الجامع في الخارج عدمه مع وصف كونه جامعا ومتحدا مع كثيرين فهو حق لا شبهة فيه ؛ لأن الشيء مع وصف كونه جامعا لا يتحقق إلا في الذهن ، وإن أردت عدمه في الخارج أصلا فهو ممنوع ؛ بداهة أن

Bogga 181