159

أن يكون الفعل الصادر عن إرادة واختيار مبغوضا بحيث لو صدر عن غير اختياره لم يكن منافيا لغرض المولى.

فعلى الأول علة الحرام هي المقدمات الخارجية من دون مدخلية الإرادة بل هي علة لوجود علة الحرام ، وعلى الثاني تكون الإرادة من أجزاء العلة التامة.

إذا عرفت هذا فنقول : نحن إذا راجعنا وجداننا نجد الملازمة بين كراهة الشيء وكراهة العلة التامة له من دون سائر المقدمات ، كما إذا راجعنا الوجدان في طرف إرادة الشيء نجد الملازمة بينها وبين إرادة كل واحد من مقدماته ، وليس في هذا الباب دليل أمتن وأسد منه ، وما سوى ذلك مما أقاموه غير نقي عن المناقشة.

وعلى هذا ففي القسم الأول إن كانت العلة التامة مركبة من امور تتصف المجموع منها بالحرمة وتكون إحدى المقدمات لا بشخصها محرمة إلا إذا وجد باقي الأجزاء وانحصر اختيار المكلف في واحد منها فيحرم عليه شخصا من باب تعين أحد أفراد الواجب التخييري بالعرض فيما إذا تعذر الباقي ، فإن ترك أحد الأجزاء واجب على سبيل التخيير ، فإذا وجد الباقي وانحصر اختيار المكلف في واحد معين يجب تركه معينا.

وأما القسم الثاني أعني : فيما إذا كان الفعل المقيد بالإرادة محرما فلا تتصف الأجزاء الخارجية بالحرمة ، لأن العلة التامة للحرام هي المجموع المركب منها ومن الإرادة ، ولا يصح استناد الترك إلا إلى عدم الإرادة ؛ لأنه أسبق رتبة من سائر المقدمات الخارجية.

فقد فهم مما ذكرنا أن القول بعدم اتصاف المقدمات الخارجية للحرام بالحرمة مطلقا لسبق رتبة الصارف وعدم استناد الترك إلا إليه مطلقا مما لا وجه له ، بل ينبغي التفصيل ؛ لأنه في القسم الأول لو فرض وجود باقي المقدمات مع عدم الإرادة تحقق المبغوض قطعا ، فعدم إحداها علة لعدم المبغوض فعلا.

وأما في القسم الثاني لو فرضنا وجود باقي المقدمات مع الصارف لم يتحقق المبغوض لكونه مقيدا بصدوره عن الإرادة ، فالمقدمات الخارجية من دون انضمامها

Bogga 162