والجواب على هذه سيؤجل إلى قسم الآيات المتشابهة مع التنبيه على الاعتماد على الأصول العقلية التي لا تختلف، دون الاعتماد على اللغة التي تحتمل المعاني المتعددة.
أيضا من الإشكالات على موضوع التكليف قول من قال: كيف كلف الله تعالى العاصي بالطاعة، وقد سبق في علمه أن مصيره إلى النار؟ فأين إرادة الخير له مع علمه بأنه إلى النار؟
والسؤال هذا قريب من السؤال الأول. والجواب هو أن التكليف يكون حسنا، إذا كان فيه تعريض لمنافع عظيمة، وتمكين على الحصول عليها. أما حال المكلف، المعرض على الخير، والممكن من الحصول عليه، فلا مدخل له في حسن التكليف أصلا. فالله تعالى كلفنا، ومكننا على الطاعة؛ أما كون الإنسان يختار المعصية فهذا وباله عليه. فالإحسان يتحقق بالتكليف، أما تصرف العبد إزاء هذا الإحسان، فأمر آخر.
ويبقى علينا أن نعلم إنه لا يشترط أن نعلم وجه حكمة كل فعل من أفعال الله على التفصيل. فإذا ثبت لنا عدل الله تعالى وحكمته، ورأينا أفعالا لا ندري تفاصيل الحسن فيها، وتفاصيل خلوها من القبح، فلا نجعل جهلنا بالحكمة قادحا فيها، ولا نجعل جهلنا سببا لنسبة فعل قبيح إلى الله تعالى. بل الأولى والأليق بمن خاف مقام ربه، وعرف قدر نفسه، أن يرد الأمر إلى جهله، ويستسلم لما قضاه الله تعالى، وينشغل بطلب القرب منه جل جلاله.
Bogga 83