السفه هو العمل بخلاف موجب الشرع من وجه واتباع الهوى وخلاف دلالة العقل فإن كان أصله مشروعا وهو السرف والتبذير لأن أصل البيع والبر والإحسان مشروع إلا أن الإسراف حرام كالإسراف من الطعام والشراب وذلك لا يوجب خللا في الأهلية ولا يمنع شيئا من أحكام الشرع ولا يوجب وضع الخطاب بحال وأجمعوا أنه يمنع منه ماله في أول ما بلغ بالنص قال الله تعالى
﴿ولا تؤتوا السفهاء أموالكم﴾
ثم علق الإيتاء بإيناس من الرشد فقال
﴿فإن آنستم منهم رشدا فادفعوا إليهم أموالهم﴾
قال أبو حنيفة رحمه الله أول أحوال البلوغ قد لا يفارقه السفه فإذا امتد الزمان وظهرت الخبرة والتجربة حدث ضرب من الرشد لا محالة والشرط رشد نكرة فسقط المنع لأنه إما عقوبة واما حكم لا يعقل معناه فيتعلق بغير النص فإذا دخله شبهة أو صار الشرط في حكم الوجود بوجه وجب جزاؤه واختلفوا في وجوب النظر للسفيه فقال أبو حنيفة رحمه الله لما كان السفه مكابرة وتركا لما هو الواجب عن علم ومعرفة لم يجز أن يكون سببا للنظر ألا يرى انه من قصر في حقوق الله عز وجل مجانة وسفها لم يوضع عنه الخطاب نظرا بل كان مؤكدا لازما وقد يحبس عقوبة ولا يوضع عنه الخطاب ولا يبطل في ذلك عباراته ولا يعطل عليه أسباب الحدود والعقوبات وقال أبو يوسف ومحمد رحمهما الله النظر واجب حقا للمسلمين وحقا له لدينه لا لسفهه ألا يرى أن العفو عن صاحب الكبيرة حسن في الدنيا والآخرة وان أصر عليها وقاساه بمنع المال وقال أبو حنيفة رحمه الله النظر من هذا الوجه جائز لا واجب كما في صاحب الكبيرة وإنما يحسن إذا لم يتضمن ضررا فوقه وههنا يتضمن ضررا فوقه وهو وقف أهليته وإلحاقه بالصبيان والمجانين والبهائم بخلاف منع المال لما قلنا أنه غير معقول ولأنه عقوبة لا يحتمل المقايسة ولأن اليد للآدمي نعمة زائدة واللسان والأهلية نعمة أصلية فيبطل القياس لإبطال أعلى النعمتين باعتبار أدناهما وقالا هذه الأمور صارت حقا للعبد رفقا به فإذا أدى إلى الضرر وجب الرد لدفع الضرر عن المسلمين وإن لم يكن للمسلمين حق في عين المال وهذا قياس ما روى عن أبي يوسف رحمه الله فيمن تصرف في خالص ملكه بما يضر جيرانه أنه يمنع عنه فصار الحجر عندهما مشروعا بطريق النظر وإنما يجب أن ينظر إلى ما فيه نظر له أبدا فلا يلحق بالصبي خاصة ولا بالمريض ولا بالمكره لكن يجب إثبات النظر بأي أصل أمكن اعتباره على ما هو مذكور في المبسوط وهو أنواع عندهما حجر بسبب السفه مطلقا وذلك يثبت عند محمد رحمه الله بنفس السفه إذا حدث بعد البلوغ أو بلغ كذلك وقال أبو يوسف رحمه الله لا بد من حكم القاضي لأن باب النظر إلى القاضي والنوع الثاني إذا امتنع المديون عن بيع ماله لقضاء الدين باع القاضي عليه امواله والعروض والعقار في ذلك سواء وذلك ضرب حجر والثالث أن يخاف على المديون أن يلجىء امواله ببيع أو إقرار فيحجر عليه على أن لا يصح تصرفه إلا مع هؤلاء الغرماء والرجل غير سفيه فإن ذلك واجب ليعلم أن طريق الحجر عندهما النظر للمسلمين فأما أن يكون السفه من اسباب النظر فلا لكنه بمنزلة العضل من الاولياء القسم الخامس وهو السفر
Bogga 353