قال الشيخ الأمام ركن القياس ما جعل علما على حكم النص مما اشتمل عليه النص وجعل الفرع نظيرا له في حكمه بوجوده فيه وهو جائز أن يكون وصفا لازما مثل الثمنية جعلنها علة الزكاة في الحلى والطعام جعله الشافعي علة للربوا ووصفا عارضا و اسما كقول النبي عليه السلام فى المستحاضة انه دم عرق انفجر و هو اسم علم انفجر صفة عارضة غير لازمة وعللنا بالكيل وهو غير لازم ويكون جليا وخفيا ويجوز أن يكون حكما كقول النبي عليه السلام في التى سالته عن الحج ارايت لو كان على ابيك دين وهذا حكم وكقولنا في المدبر انه مملوك تعلق عتقه بمطلق موت المولى وهذا حكم أيضا ويجوز أن يكون فردا وعددا كما في باب الربا ويجوز أن يكون في النص وهذا لا يشكل ويجوز في غيره إذا كان ثابتا به كما جاء في الحديث انه رخص في السلم وهو معلول باعلام العاقد وليس في النص والنهي عن بيع الابق معلول بالجهالة أو العجز عن التسليم وليس في النص وعلل الشافعي رحمه الله في نكاح الأمة على الحرة بارقاق جزء منه وليس في النص لكنه ثابت به وانما استوت هذه الوجوه لان العلة إنما تعرف صحتها باثرها وذلك لا يوجب الفصل واتفقوا أن كل اوصاف النص بجملتها لا يجب أن يكون علة واختلفوا في دلالة كونه علة على قولين فقال أهل الطرد انه يصير حجة بمجرد الاطراد من غير معين يعقل وقال ائمة الفقه من السلف والخلف انه لا يصير حجة إلا بمعنى يعقل وهذا المعنى هو صلاح الوصف ثم عدالته وذلك على مثال الشاهد لابد من صلاحه بما يصير به اهلا للشهادة ثم عدالته ليصح منه اداء الشهادة ثم لا يصح الاداء إلا بلفظ خاص واتفقوا في صلاحه انه إنما يراد به ملا ئمته ولك أن يكون على موافقة ما جاء عن السلف من العلل المنقولة لانه أمر شرعي فتعرف منه ولا يصح العمل به قيل الملاء كما لا يصح العمل بشهادة قبل الاهلية لكن لا يجب العمل به إلا بد العدالة والعدالة عندنا هي الاثر وانما نعني بالاثر ما جعل له اثر في الشرع وقال بعض أصحاب الشافعي عدالته بكونه مخيلا ثم العرض على الاصول احتياطا سلامته عن المناقضة والمعارضة وقال بعض اصحابه بل عدالته بالعرض على الاصول فان لم يرده اصل مناقضا ولا معارضا صار معدلا وانما يعرض على اصلين فصاعدا فعلى القول الأول يصح العمل به قبل العرض وعلى الثاني لا يصح لانه به يصير حجة وعلى القول الأول صار حجة بكونه مخيلا وانما النقص جرح والمعارضة دفع واحتج أهل المقاله الأولى أن الاثر معنى لا يعقل فنقل عنه إلى شهادة القلب وهو الخيال وهو كالتحري جعل حجة بشهادة القلب عند تعذر العمل بسائر الادلة ثم العرض بعد ذلك للاحتياط بخلاف الشاهد لانه يتوهم أن يعترض فيه بعد اصل الاهلية ما يبطل الشهادة فسق أو غيره فأما الوصف فلا يحتمل مثله فإذا كان ملائما غير ناب صار صالحا وإذا كان مخيلا كان معدلا ووجه القول الآخر انه إذا كان على مثال العلل الشرعية كان صالحا كالشاهد ثم قد يحتمل أن يكون مجروحا فلا بد من العرض على المزكين وهم الاصول هنا وادنى ذلك اصلان ولا يعتبر وراء ذلك لان التزكية بالاحتمال لا يرد ووجه قولنا انا احتجنا إلى إثبات مالا يحس ولا يعاين وهو الوصف الذي جعل علما على الحكم في النص مالا يحس فإنما يعلم باثره الذي ظهر في موضع من المواضع إلا ترى انا نتعرف صدق الشهادة باحترازه عن مخطور دينه وذلك مما يعرف بالبيان و الوصف بوجه مجمع عليه على ما بين فوجب المصير اليه كالاثر الدال على غير المحسوس واما الخيال أمر باطل لانه ظن لا حقيقة له ولانه باطن لا يصلح دليلا على الخصم ولا دليلا شرعيا ولانه دعوى لا ينفك عن المعارضة لان كل خصم يحتج بمثله فيما يدعيه على خصمه لانه أن كان يقول عندي كذا فالخصم يعارضه بمثله فيقول عندي كذا و دلائل الشرع لا يحتمل لزوم المعارضة كما لا يحتمل لزوم المناقضة واما العرض على الاصول فلا يقع به التعديل لان الاصول شهود لا من كون واني لها التزكية من غير درك الاحوال الشاهد ومعاينة وهل يصح التزكية من لا خبر له ولا معرفة له بالشهود فأما فرقهم بان الشاهد مبتلى بالطاعة منهي عن المعصية فيتوهم سقوط شهادته بخلاف الوصف فليس يصحيح لان الوصف مع كونه ملائما يجوز أن يكون غير علة بذاته بل يجعل الشرع اياه علة فكان الاحتمال في المعترض على اصله إلا ترى أن الوصف لا يبقى علة مع الرد مع قيام الملائمة والجواب عن كلامه أن الاثر معقول من كل محسوس لغة وعيانا ومن كل مشروع معقول دلالة على ما بينا وانما يظهر ذلك بامثلته وذلك مثل قول النبي عليه السلام في الهرة إنها ليست بنجسة وانما هي من الطوافين عليكم تعليل للطهارة بما ظهر اثره وهو الضرورة فإنها من اسباب التخفيف وسقوط الحظر بالكتاب قال الله تعالى
﴿فمن اضطر في مخمصة غير متجانف لإثم فإن الله غفور رحيم﴾
والطوف من اسباب الضرورة فصح التعليل به لما يتصل به من الضرورة ومثل قوله للمستحاضة انه دم عرق انفجر توضأي لكل صلاة اوجب بهذا النص الطهارة بالدم بمعنى النجاسة ولقيام النجاسة اثر في التطهير وعلقه بالانفجار وله اثر في الخروج لانه غير معتاد والانفجار آفة ومرض لازم فكان له اثر في التخفيف في قيام الطهارة مع وجوده في وقت الحاجة ومثل قوله لعمر رضي الله عنه وقد سأله عن القبلة للصائم فقال ارايت لو تمضمضت بماء فمججته اكان يضرك تعليل بمعنى مؤثر لان الفطر نقيض الصوم والصوم كف عن شهوة البطن والفرج وليس في القبلة قضاءها لا صورة ولا معنى مثل المضمضة و قال في تحريم الصدقة على بني هاشم ارايت لو تمضمضت بماء ثم مججته اكنت شاربه فعلل بمعنى مؤثر وهو أن الصدقة مطهرة للاوزار فكانت وسخا كالماء المستعمل واختلف أصحاب النبي عليه السلام في الحد فضربوا بالامثال مثل فروع الشجر وشعوب الوادى والانهار و الجداول واحتج ابن عباس رضي الله عنهما فيه بقرب أحد طرفي القرابة وهذه امور معقولة باثارها وقد قال عمر رضي الله عنه لعبادة بن الصامت حين قال ما ارى النار تحل شيئا أليس بكون خمرا ثم يصير خلافنا كله فعلل بمعنى مؤثرهو تغير الطباع وقال أبو حنيفة رحمه الله في اثنين اشتريا عبدا وهو قريب أحدهما انه لا يضمن لشريكه لانه اعتقه برضاه وللرضاء اثر في سقوط العدوان وقال محمد الله في ايداع الصبي لانه سلطه على استهلاكه وقال الشافعي رحمه الله في الزناء لا يوجب حرمة للمصاهرة لانه أمر رجمت عليه والنكاح أمر حمدت عليه وهذه اوصاف ظاهرة الاثار وقال الشافعي في النكاح لا يثبت بشهادة النساء مع الرجال لانه ليس بمال ولذلك اثر في هذا الحكم لان هذا المال هو المبتذل فاحتج فيه إلى الحجة الضرورية واما ما ليس بمال فغير مبتذل فيجب اثباته بالحجة الاصلية وليزداد خطره على ما هو مبتذل وعلى هذا الأصل جرينا في الفروع فقلنا 8
Bogga 267