بالبدن هو المقصود بكل نهى وبكل أمر نصا يقال افعلوا كذا ولا تفعلوا فيقتضي حسنه بالأمر لا محالة وقبحه بالنهي وإذا وقع النسخ قبل الفعل صار بمعنى البدأ والغلط والحجة لنا أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بخمسين صلاة ليلة المعراج ثم نسخ ما زاد على الخمس فكان ذلك بعد العقد لانه صلى الله عليه وسلم اصل هذه الامة فصح النسخ بعد وجود عقده ولم يكن ثمه تمكن من الفعل ولان النسخ صحيح بالإجماع بعد وجود جزء من الفعل أو مدة يصلح للتمكن من جزء منه وان كان ظاهر الأمر يحتمل كله لان الادنى يصلح مقصودا بالابتلاء فكذلك عقد القلب على جنس المأمور به وعلى حقيقته يصلح أن يكون مقصودا منفصلا عن الفعل إلا ترى أن الله ابتلانا بما هو متشابه لا يلزمنا فيه إلا اعتقاد الحقية فيه فدل ذلك على أن عقد القلب يصلح اصلا ولان الفعل لا يصير قربة إلا بعزيمة القلب و عزيمة القلب قد تصير قربة بلا فعل والفعل في احتمال السقوط فوق العزيمة فإذا كان كذلك صلح أن يكون مقصودا دون الفعل إلا يرى أن عين الحسن لا يثبت بالتمكن من الفعل وقول القائل افعلوا على سبيل الطاعة أمر بعقد القلب لا محالة فيجوز أن يكون أحد الامرين مقصودا لازما والآخر يتردد بين الامرين والله اعلم & باب تقسيم الناسخ
قال الشيخ الأمام رضي الله عنه الحجج اربعة الكتاب والسنة والإجماع والقياس إما القياس فلا يصلح ناسخا لما نبين إن شاء الله تعالى واما الإجماع فقد ذكر بعض المتأخرين انه يصح النسخ به والصحيح أن النسخ به لا يكون إلا في حياة النبي صلى الله عليه وسلم والإجماع ليس بحجة في حياته لانه لا إجماع دون رأيه والرجوع اليه فرض وإذا وجد منه البيان كان منفردا بذلك لا محالة وإذا صار الإجماع واجب العمل به لم يبق النسخ مشروعا وانما يجوز النسخ بالكتاب و السنة وذلك اربعة اقسام نسخ الكتاب بالكتاب والسنة بالسنة ونسخ السنة بالكتاب ونسخ الكتاب بالسنة وذلك كله جائز عندنا وقال الشافعي رحمه الله بفساد القسمين الآخرين واحتج بقوله تبارك وتعالى
﴿ما ننسخ من آية أو ننسها نأت بخير منها أو مثلها﴾
وذلك يكون بين الايتين والسنتين فأما في القسمين الآخرين فلا واحتج بقوله تعالى
﴿قل ما يكون لي أن أبدله من تلقاء نفسي﴾
فثبت أن السنة لا تنسخ
Bogga 221