56

Urjanun Jadid

الأورجانون الجديد: إرشادات صادقة في تفسير الطبيعة

Noocyada

يسخن السندان كثيرا بالمطرقة، فإذا كان سندان مصنوعا من لوح معدني رقيق، فإن لنا أن نفترض أنه يمكن أن يحمر كالحديد المتقد تحت الضربات المستمرة للمطرقة، ولكن ينبغي لذلك أن يثبت بالتجربة. (32)

في حالة المواد المسامية المشتعلة التي بها مكان للنار لتتحرك فيه، فإنها تنطفئ للتو إذا أخمدت حركتها بضغط قوي، كما يحدث عندما يطفأ الصوفان أو ذبالة الشمعة المشتعلة أو المصباح أو حتى الفحم المشتعل أو قطعة الفحم النباتي بغطاء مطفئ أو تهرس تحت القدم أو ما إلى ذلك، فيتوقف نشاط النار على الفور. (33)

تقريب الشيء من جسم حار يزيد الحرارة وفقا لدرجة الاقتراب، والأمر نفسه ينسحب على حالة الضوء، فكلما قربت الشيء من الضوء زادت قابليته للرؤية. (34)

تضام الحرارات المختلفة يزيد الحرارة ما لم تمزج المواد المختلفة، فوجود لهب كبير ولهب صغير في نفس المكان من شأنه أن يزيد كل منهما حرارة الآخر، إلا أن سكب ماء دافئ في ماء مغلي يبرد هذا الماء المغلى. (35)

استمرار التجاور مع جسم حار يزيد الحرارة، فالحرارة تستمر في الصدور والانبعاث والامتزاج بالحرارة الموجودة مسبقا فتضاعفها، فاللهب مثلا لا يدفئ غرفة في نصف ساعة مثلما يدفئها في ساعة، ولكن هذا لا ينطبق على الضوء، فالمصباح أو الشمعة الموضوعة في نقطة معينة لا تصدر ببقائها هناك ضوءا أكثر مما كانت تصدره في البداية. (36)

الاستثارة القادمة من برودة محيطة من شأنها أن تزيد الحرارة، مثلما يمكنك أن ترى في حالة الحرائق التي تشب في البرد القارس، ولا أعتقد أن هذا ناجم عن انحباس الحرارة وانضغاطها (وهو نوع من الاتحاد) فحسب، بل أيضا استثارتها، فالهواء أو العصا التي تثنى أو تلوى بشدة لا ترتد فحسب إلى النقطة التي كانت عليها، بل ترتد أبعد من ذلك في الجهة المعاكسة، فلنجر إذن تجربة دقيقة بوضع عصا - أو شيء من هذا القبيل - في اللهب، وملاحظة ما إذا كان الاحتراق يجري على نحو أسرع في أطراف اللهب أم في وسطه.

18 (37)

ثمة درجات عديدة لقابلية الحرارة، لاحظ أولا كيف أنه حتى الحرارة الضئيلة الضعيفة تغير وتدفئ بعض الدفء، حتى الأجسام الأقل قابلية للحرارة، فحتى حرارة اليد تضفي شيئا من الدفء على كرة من الرصاص أو من أي معدن آخر تقبض عليها اليد لفترة وجيزة، فما أسهل انتقال الحرارة وإثارتها! يحدث ذلك في جميع المواد دون حدوث أي تغير ظاهر فيها. (38)

أسرع المواد جميعا التي نعرفها اكتسابا للحرارة وفقدانا لها هو الهواء، يتبدى ذلك على أفضل نحو في الثرمومترات (زجاجات قياس الطقس) التي تتكون كالتالي: أحضر زجاجة لها بطن أجوف ورقبة رفيعة طويلة، واقلبها وضعها بحيث تتجه فوهتها إلى أسفل داخل وعاء زجاجي آخر يحتوي على ماء، بحيث تجعل نهاية الأنبوبة يمس قعر الوعاء، بينما الأنبوبة نفسها مائلة قليلا على الحافة بحيث تكون واقفة وثابتة على فوهة الوعاء ومستندة إليه، ولكي تسهل ذلك ضع قليلا من الشمع على الحافة، بحيث يثبت الأنبوبة دون أن يسد فوهة الوعاء فيمنع الهواء من الهروب فيعوق الحركة التي سنتحدث عنها الآن، والتي هي حركة شديدة الدقة والرهافة.

قبل إدخال الزجاجة الأولى في الثانية يجب تدفئة جزئها الأعلى (أي بطن الزجاجة) على النار، ثم عند وضعها بالطريقة التي وصفتها فإن الهواء (الذي تمدد بالحرارة)، بعد أن ترك له وقت كاف لأن يفقد الحرارة الإضافية، سيعود ويقلص نفسه إلى نفس الأبعاد الخاصة بالطقس الخارجي أو العام لحظة الغمر بالماء، وسينجذب الماء إلى أعلى في الأنبوب بالدرجة المتناسبة، يجب أن نلصق بالأنبوبة شقة نحيلة طويلة من الأوراق مقسمة بدرجات عديدة مثلما تريد، سترى عندئذ - إذ يأخذ الطقس في الدفء أو في البرودة - أن الهواء يكمش نفسه إلى حيز أقل في الطقس البارد ويمدد نفسه في الطقس الدافئ، وهو ما سيتمثل في ارتفاع الماء مع انكماش الهواء وانخفاض الماء مع تمدد الهواء. إن حساسية الهواء للحرارة والبرودة أدق وأرهف بكثير من حاسة اللمس البشرية، بحيث إن شعاعا من الشمس أو حرارة النفس، بل حتى حرارة اليد إذ توضع على قمة الأنبوبة، تسبب انخفاضا فوريا واضحا في مستوى الماء، إلا أني أعتقد أن روح الحيوانات تمتلك قابلية للحرارة والبرودة أكثر رهافة بكثير، ولكن تعوقها وتبلدها كتلة الجسم. (39)

Bog aan la aqoon