180

Unnamed Book

دروس للشيخ صالح بن حميد

Noocyada

أبو طلحة ينفق أحب ماله على أقاربه وهذا أبو طلحة ﵁ كان أكثر أنصاريِّي المدينة مالًا من نخل، وكان أحب ماله إليه بَيْرُحاء، مستقبلة المسجد، وكان النبي صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلم يدخلها ويشرب من ماء فيها طيب، قال أنس بن مالك ﵁: ﴿لما نزل قوله تعالى: ﴿لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ﴾ [آل عمران:٩٢] قام أبو طلحة فقال: يا رسول الله! إن الله يقول: ﴿لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ﴾ [آل عمران:٩٢] وإن أحب أموالي إليَّ بَيْرُحاء، وإنها صدقة لله، أرجو برها وذخرها عنده، فضعها حيث أراك الله، فقال رسول الله ﷺ: بَخٍ بَخٍ، ذاك مال رابح -أو رائح- وقد سمعتُ ما قلتَ، وإني أرى أن تجعلها في الأقربين، قال أبو طلحة: أفعل ذلك يا رسول الله؟ فقَسَّمَها أبو طلحة في أقاربه وفي بني عمه﴾. ووقف أبو بكر ﵁ رِباعًا له بـ مكة على الفقراء، والمساكين، وفي سبيل الله، وذوي الرحم القريب والبعيد. ووقف عثمان، وعلي، والزبير ﵃ أجمعين. ووقف من أمهات المؤمنين: عائشة، وأم سلمة، وصفية، وأم حبيبة ﵅. وخالد ﵁ احتبس أدْرُعَه وعتاده في سبيل الله. يقول جابر ﵁: [[ما بقي أحد من أصحاب رسول الله ﷺ له مقدرة إلا وقف]]. ويقول الإمام الشافعي ﵀: "لقد حفظنا الصدقات من كثير من المهاجرين والأنصار، لقد حَكَى لي عدد كثير من أولادهم وأهليهم أنهم لم يزالوا يلُون صدقاتهم حتى ماتوا، ينقل العامة منهم عن العامة، لا يختلفون فيه". وسار من بعدهم الأغنياء والموسرون من المسلمين، فأوقفوا الأوقاف، وأشادوا الصروح، بنوا المساجد، وأنشئوا المدارس، وأقاموا الأربطة.

14 / 5