مقاصد المكلفين فيما يتعبد به لرب العالمين

Omar Suleiman al-Ashqar d. 1433 AH
116

مقاصد المكلفين فيما يتعبد به لرب العالمين

مقاصد المكلفين فيما يتعبد به لرب العالمين

Daabacaha

مكتبة الفلاح

Lambarka Daabacaadda

الأولى

Sanadka Daabacaadda

١٤٠١ هـ - ١٩٨١ م

Goobta Daabacaadda

الكويت

Noocyada

فالحديث واضح فيه أنّ الرسول ﷺ سنَّ لنا قيام رمضان جماعة، وأنه ترك المداومة على ذلك خشية أن يفرض علينا فلا نستطيع القيام به، فلمَّا توفي ﷺ، وانقطع الوحي، زالت الخشية التي خشيها ﷺ. ولو لم يأت دليل بذلك لكان لنا أسوة بعمر بن الخطاب عملا بقوله ﷺ: "عليكم بسنتي، وسنّة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي" (١). وما أبعد ما قاله القسطلاني (٢) متحكما في هذه القضية برأيه حيث زعم بلا دليل أنَّ الرسول ﷺ كان يتلفظ بالنية، يقول القسطلاني: "ولئن سلمنا أنّه لم يرو عنه ﷺ ولا عن أحد من أصحابه النطق بها، لكنا نجزم بأنَّه ﵇ نطق بها، لأنّه لا شك أن الوضوء المنوي مع النطق به أفضل، والعلم الضروري حاصل بأن أفضل الخلق لم يواظب على ترك الأفضل طول عمره أنّه أتى بالوضوء المنوي مع النطق، ولم يثبت عندنا أنَّه أتى بالوضوء العاري عنه، والشك لا يعارض اليقين، فثبت أنّه أتى بالوضوء المنوي مع النطق" (٣). هذا كلام القسطلاني، وعجيب أن يصدر مثل هذا من عالم محدِّث فاضل مثله. فهو يقرّر أن التلفظ بالنية أفضل، ولا يأتي بدليل يدلُّ على هذه الأفضلية، ثم يبني على هذا الأمر الذي لم يدلّل عليه -والذي أصبح عنده يقينا- أنَّ الرسول ﷺ لا يمكن أن يترك الأفضل، فيلزم من ذلك أنّه كان يتلفظ بالنية.

(١) رواه أحد وأبو داود والترمذي وابن ماجه (مشكاة المصابيح ١/ ٥٨)، وقال محقق الكتاب: وسنده صحيح، وقال الترمذي: حديث حسن صحيح. (٢) هو محمد بن أحمد بن علي، ولد بمصر سنة (٦١٤ هـ)، ونشأ بمكة، وتوفي في القاهرة سنة (٦٨٦ هـ)، كان عالما بالحديث ورجاله، وتولى مشيخة دار الحد: الكاملية، بالقاهرة، له شرح على صحيح البخاري. (طبقات الحفاظ ص ٥٤٧)، (الأعلام ١/ ١٧٣). (٣) إرشاد الساري (١/ ٥٤).

1 / 129