140

الرحلة إلى إفريقيا

الرحلة إلى إفريقيا

Baare

خالد بن عثمان السبت

Daabacaha

دار عطاءات العلم (الرياض)

Lambarka Daabacaadda

الخامسة

Sanadka Daabacaadda

١٤٤١ هـ - ٢٠١٩ م (الأولى لدار ابن حزم)

Goobta Daabacaadda

دار ابن حزم (بيروت)

Noocyada

استغرابهم ببعث الرسول محصور فيه هذا المنع من الهدى، وقوله في سورة الكهف: ﴿وَمَا مَنَعَ النَّاسَ أَنْ يُؤْمِنُوا إِذْ جَاءَهُمُ الْهُدَى وَيَسْتَغْفِرُوا رَبَّهُمْ إلا أَنْ تَأْتِيَهُمْ سُنَّةُ الْأَوَّلِينَ أَوْ يَأْتِيَهُمُ الْعَذَابُ قُبُلًا (٥٥)﴾ [الكهف: ٥٥] وفي القراءة الأخرى: ﴿قُبُلًا﴾ (١). والجواب عن هذا عند العلماء: هو اختلاف جهة الحصرين، أما الحصر في سورة بني إسرائيل فهو حصر عادي في سببه العادي، والأسباب العادية قد تتخلّف بمشيئة الله -جل وعلا-؛ لأنه جرت العادة أن البشر إذا جاءهم رسول منهم استغربوا وقالوا: كيف يُرسل إلينا رجل يأكل ويشرب ويمشي في الأسواق؟ وهذا كثير في القرآن كقولهم عنه: ﴿مَا هَذَا إلا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُرِيدُ أَنْ يَتَفَضَّلَ عَلَيكُمْ﴾ [المؤمنون: ٢٤] وقالوا في البشر: ﴿يَأْكُلُ مِمَّا تَأْكُلُونَ مِنْهُ وَيَشْرَبُ مِمَّا تَشْرَبُونَ (٣٣)﴾ [المؤمنون: ٣٣] ﴿أبَشَرٌ يَهْدُونَنَا فَكَفَرُوا وَتَوَلَّوْا﴾ [التغابن: ٦] ﴿أَبَشَرًا مِنَّا وَاحِدًا نَتَّبِعُهُ إِنَّا إِذًا لَفِي ضَلَالٍ وَسُعُرٍ (٢٤)﴾ [القمر: ٢٤] ﴿مَا أَنْتُمْ إلا بَشَرٌ مِثْلُنَا﴾ [يس: ١٥] فكون الناس يستغربون بعث البشر هذا استغراب عادي ضل بسببه أكثرهم، مِع أن الله بيّن لهم أن رسالة البشر هي معروفة، قال: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ مِنَ الْمُرْسَلِينَ إلا إِنَّهُمْ لَيَأْكُلُونَ الطَّعَامَ وَيَمْشُونَ فِي الْأَسْوَاقِ﴾ [الفرقان: ٢٠] ﴿وَمَا أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ إلا رِجَالًا﴾ [الأنبياء: ٧] أي: لا ملائكة، وقال في الرسل: ﴿وَمَا جَعَلْنَاهُمْ جَسَدًا لَا يَأْكُلُونَ الطَّعَامَ وَمَا كَانُوا خَالِدِينَ﴾ [الأنبياء: ٨] فهذا المانع وهو قولهم: ﴿أَبَعَثَ اللَّهُ بَشَرًا رَسُولًا﴾ [الإسراء: ٩٤]

(١) انظر: المبسوط لابن مهران (ص ٢٠٠).

1 / 143