فإذا قضيت دخلوا فجمعوا، فيكون في هذا اختلاف وتفرق كلمة (١) . وبناء على هذا فقد اختلف أصحاب هذا القول فيما يفعل من دخل المسجد ووجد الصلاة قد قضيت: فظاهر الرواية عند الحنفية أنهم يصلون فرادى (٢)، وهو رأي الشافعي ﵀ فإن صلوا جماعة أجزأتهم عنده، وهو رأي الإمام مالك (٣) . إلاَّ أن مالكًا ﵀ قال: إن طمع أن يدرك جماعة من الناس في مسجد آخر غيره فلا بأس أن يخرج إلى تلك الجماعة. وإن كانوا جماعة فلا بأس أن يخرجوا من المسجد فيجمعوا وهم جماعة إلاَّ أن يكون في المسجد الحرام أو المسجد النبوي الشريف (٤) . وكما هو ظاهر من كلام مالك لا فرق في كراهة تكرار الجماعة بين أن يكون الداخل واحدًا أو جماعة. أمَّا عند الشافعية فإن كان الداخل واحدًا استحب لبعض الحاضرين الذين صلوا أن يصلوا معه لتحصل له الجماعة ويستحب أن يشفع له من له عذر في عدم الصلاة معه إلى غيره ليصلي معه (٥) . وذلك للحديث الذي رواه أبو سعيد الخدري أن رجلًا جاء وقد صلى رسول الله ﷺ فقال: "من يتصدق على هذا فقام رجل فصلى معه " (٦) .

(١) رد المحتار ٢/٢٨٩، والمعونة للقاضي عبد الوهاب ١/٢٥٨، ومواهب الجليل ٢/٤٣٧، والتاج والإكليل معه، والأم للشافعي ١/٢٧٨. (٢) رد المحتار ٢/٢٨٩. (٣) المدونة ١/١٨٠، والمعونة ١/٢٥٨. (٤) المدونة ١/١٨١. (٥) المجموع ٤/٢٢١ وما بعدها. (٦) الحديث أخرجه أبو داود في سننه كتاب الصلاة باب في الجمع في المسجد مرتين حديث رقم (٥٧٤) ج١ ص ٣٨٦ ولفظه: «أن رسول الله ﷺ أبصر رجلًا يصلي وحده فقال: ألا رجل يتصدق على هذا فيصلي معه» والترمذي في كتاب الصلاة باب ما جاء في الجماعة في مسجد قد صُلِّيَ فيه مرة، حديث (٢٢٠) ج١/٤٢٧ بلفظ: «أيكم يتجر على هذا فقام فصلى معه» وقال حديث حسن وهو قول غير واحد من أهل العلم من أصحاب النبي ﷺ وغيرهم من التابعين، وصححه الحاكم ووافقه الذهبي، المستدرك ١/٢٠٩ كتاب الصلاة. وأخرجه الإمام أحمد ٣/٤٥، وابن الجارود ص ١٢١، وابن خزيمة ٣/٦٣، وابن حبان (الإحسان ٤/٥٨)، والبيهقي في السنن الكبرى ٣/٦٨، ٦٩. وصححه الألباني كما في صحيح سنن أبي داود ١/٢٢٤، ٢٢٥.