74

كشف شبهات الصوفية

كشف شبهات الصوفية

Daabacaha

مكتبة دار العلوم

Goobta Daabacaadda

البحيرة (مصر)

Noocyada

يحظوا بدعائه ﵌ وشفاعته فيهم، وبينهم وبينه كما قال الله عز شأنه: ﴿وَمِن وَرَائِهِم بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ﴾ (المؤمنون:١٠٠). ولذلك لجأ عمر ﵁، وهو العربي الأصيل الذي صحب النبي ﵌ ولازمه في أكثر أحواله، وعرفه حق المعرفة، وفهم دينه حق الفهم، ووافقه القرآن في مواضع عدة، لجأ إلى توسل ممكن فاختار العباس ﵁، لقرابته من النبي ﵌ من ناحية، ولصلاحه ودينه وتقواه من ناحية آخرى، وطلب منه أن يدعو لهم بالغيث والسقيا. وما كان لعمر ولا لغير عمر أن يدع التوسل بالنبي ﵌، ويلجأ إلى التوسل بالعباس أو غيره لو كان التوسل بالنبي ﵌ ممكنًا، وما كان من المعقول أن يقر الصحابة ﵃ عمر على ذلك أبدًا؛ لأن الانصراف عن التوسل بالنبي ﵌ إلى التوسل بغيره ما هو إلا كالانصراف عن الاقتداء بالنبي ﵌ في الصلاة إلى الاقتداء بغيره، سواء بسواء، ذلك أن الصحابة ﵃ كانوا يعرفون قدر نبيهم ﵌ ومكانته وفضله معرفة لا يدانيهم فيها أحد. * إن تعليل الصوفية لعدول عمر ﵁ عن التوسل بالنبي ﵌ إلى التوسل بالعباس ﵁ بأنه لبيان جواز التوسل بالمفضول مع وجود الفاضل هو تعليل مضحك وعجيب. أ- إذ كيف يمكن أن يخطر في بال عمر ﵁، أو في بال غيره من الصحابة الكرام ن تلك الحذلقة الفقهية المتأخرة، وهو يرى الناس في حالة شديدة من الضنك والكرب، والشقاء والبؤس، يكادون يموتون جوعًا وعطشًا لشح الماء وهلاك الماشية، وخلو الأرض من الزرع والخضرة حتى سمي ذاك العام بعام الرمادة، كيف يَرِد في خاطره تلك الفلسفة الفقهية في هذا الظرف العصيب، فيدَع الأخذ بالوسيلة الكبرى في دعائه، وهي التوسل بالنبي الأعظم ﵌ - لو كان ذلك جائزًا - ويأخذ بالوسيلة الصغرى، التي لا تقارن بالأولى، وهي التوسل بالعباس، لماذا؟ لا لشيء إلا ليبين للناس أنه يجوز لهم التوسل بالمفضول مع وجود الفاضل!! إن المشاهد والمعلوم أن الإنسان إذ حلّت به شدة يلجأ إلى أقوى وسيلة عنده في دفعها، ويدَع الوسائل الأخرى لأوقات الرخاء، وهذا كان يفهمه الجاهليون المشركون أنفسهم، إذ كانوا يَدعون أصنامهم في أوقات اليسر، ويتركونها ويدْعون الله تعالى وحده

1 / 83