Umm Al-Qura University Journal 19-24
مجلة جامعة أم القرى ١٩ - ٢٤
Noocyada
فذلكما النبيان - الكريمان -وإن كانا دون درجة أولي العزم الخمسة لكنهما من جملة الأنبياء الذين امتدحهم الله في القرآن الكريم مدحًا عظيمًا (١)، ولا التفات لما رُميا به مما لا يليق بأفناء الناس فكيف بأنبياء الله؟! .
لقد امتزجت تلكم الهبات الربانية - النبوة والعلم والملك - فأفرزت بفضل الله شخصيتين مكتملتي المواهب سجلت في القرآن الكريم فحقت أخذ العبرة منها.
وفيما يلي ألقي الضوء على علمهما ﵉ وصلته بشخصيتهما الكريمتين:
القضاء:
قال تعالى: ﴿وَآتَيْنَاهُ الْحِكْمَةَ وَفَصْلَ الْخِطَابِ﴾ (٢)، الضمير فى ﴿وَآتَيْنَاهُ﴾ راجع إلى داود ﵇، وهو يدل على أن الذي أوتيه من الحكمة وفصل الخطاب من طريق الوحي، وسيأتي الحديث عن الحكمة في آخر البحث، وأما قوله تعالى: ﴿وَفَصْلَ الْخِطَابِ﴾ فالفصل: «تمييز الشيء من الشيء وإبانته عنه» (٣)، «والخَطب والمخاطبة والتخاطب المراجعة في الكلام» (٤)، ومعنى الآية: إصابة القضاء، وهو قول ابن عباس (ت٦٨ هـ) رضى الله عنهما ومجاهد (ت ١٠٤هـ) وغيرهما، ويدخل في ذلك من قال: إن معناه: تكليف المدّعى البينة، واليمين على من أنكر، وإنما كان فصل الخطاب قضاء لأن به يفصل بين الخصومة، والخصام نوع من الخطاب (٥)، وقال آخرون: معنى الآية فصاحة الكلام، وسيأتي هذا المعنى مفصلًا في المبحث التالي.
_________
(١) انظر عبد الرحمن السعدي: تيسير الكريم الرحمن ٦/٥٦٧.
(٢) ص، الآية ٢٠.
(٣) ابن فارس: معجم مقاييس اللغة، مادة (فصل) ٤/٥٠٥.
(٤) الراغب الأصفهاني: المفردات، مادة (خطب) ١٥٠.
(٥) انظر البخاري: صحيح البخاري، كتاب الأنبياء، باب ﴿وَاذْكُرْ عَبْدَنَا دَاوُدَ﴾ ٤/١٣٤، الطبري ٢٣/١٣٩، ابن عطية: المحرر الوجيز ١٢/٤٣٧، القرطبي: الجامع لأحكام القرآن ١٥/١٦٢، الآلوسي: روح المعاني ٢٣/١٧٧.
1 / 13