[4_2]
واقتصر على حاجته. فأصلح الرسول العربي لغة التخاطب والتكاتب، كما جاء لإصلاح المعاد والمعاش. وكذلك يقال في بلاغة الصحابة ومن أخذوا عن الرسول، وكذلك يقال فيمن أخذ عن الصحابة من التابعين وتابعيهم والخلفاء والأمراء، يمتاز أفراد منهم بالبلاغة كما يتمايزوا برجحان العقل.
وكتب الناس إلى أواخر القرن الأول على النمط الذي عرفوه عن الرسول، آخذين بالطبع، بعيدين عن الإطناب. ومن ذلك أمثلة كثيرة في كتب التاريخ والسير، ومن أهمها رسالة عمر أبن الخطاب إلى أبي موسى الأشعري في القضاء، وقد كتبت على أسلوب عصره، لا تعمل فيها ولا سجع ولا مزاوجة، لفظها على قدر معناها.
ما عدا أسلوب الكتب، أسلوب الرسائل والخطب. بيد أن تدوين الكتب تأخر قليلا، ومن أول ما دون ما كتبه صاحب الرسالة لعمرو بن حزم وغيره في الصدقات والديانات والفرائض والسنن، وما كان يكتبه عمر من الحديث، وقد أمره الرسول بتقييد العلم، وأشار إليه أن يكتب خطبته في عام الفتح إلى أبي شاه، وكان وأثلة بن الأسقع يملي على الناس الأحاديث وهم يكتبونها بين يديه. وألف زيد بن ثابت كتابا في الفرائض، وألف كتاب في قضاء على في عهد ابن عباس. وأمر معاوية أن يدون ما يتحدث به إليه عبيد بن شرية من أخبار عاد وثمود وجرهم. وكان عبيد من القدماء في الحكمة والخطابة مثل أسقف نجران وأكيدر صاحب دومة الجندل. كل أولئك كان الأساس الأول الذي قام عليه التأليف في القرن الثاني، بالرواية وذكر السنة، ولم يصل إلينا من خطب القوم ومحاوراتهم ورسائلهم إلا مالا بال له.
أسلوب القرآن:
أما أسلوب القرآن فهو فوق كل أسلوب، وأسمى من كل كلام. لم يعهد العرب مثله في نظام القول وترتيبه، وأما أستطاعة، على كثرة فصائحها في دهر نزوله، أن
Bogga 4