[199_2]
في ذات الله أن يهتبل مثوبته في أوانها من بعض الأسى، وفجاءة النكبة، وأولى بذي اللب إذا علم ما هو لا بد صائر إليه، ألا يبعد منه إبعادا يلزمه التفاوت عند التأمل، واختلاف الحالين في بعد الأمد بينهما؛ وقد كنت أحب ألا أقنع في تعزيتك برسول ولا كتاب، دون الشخوص إليك بنفسي، لو أمكنني المسير، إجلالا للمصيبة، وتأنسا بقربك، بعد الذي دخلني من الوحشة، فقد عرفت ما خصني من المرزئة بذي اليمينين، كما كنت أتعرف من جميل رأيه، وعظيم بره حاضرا، وما كان يذكرني به غائبا، ذكره الله في الرفيق الأعلى. . .
وأخصر من هذا ما عزى به ولد رجل من آل الربيع، وكان له مواصلا فقال: عظم الله أجركم، وجبر مصابكم، ووجه الرحمة إلى فقيدكم، وجعل لكم من وراء مصيبتكم حالا تجمع كلمتكم، وتلم شعثكم، ولا تفرق ملاكم.
وسمع قول علي: لا تكونن كمن يعجز عن شكر ما أوتي، ويلتمس الزيادة فيما بقي. فكتب: أحق من أثبت لك العذر في حال شغلك من لم يخل ساعة من برك في وقت فراغك.
ومن كلامه يتعذر إلى بعض الأخلاء: لي ذنوب إن عددتها جلت، وإن ضممتها إلى فضلك حسنت، وقد راجعت إنابتي، وسلكت طريق استقامتي، وعلمت أن توبتي في حجتي، وإقراري أبلغ في معذرتي؛ فهذا مقام التائب من جرمه، المتضمن حسن الفيئة على نفسه، فقد كان عقابك بالحلم عني، أبلغ من أمرك بالانتصاف مني، فإن رأيت أن تهب لي ما استحققته من العقوبة، لما ترجوه من المثوبة، فعلت إن شاء الله.
وكتب في الذم: أما بعد، فلا أعلم للمعروف طريقا أحزن ولا أوعر من طريقه إليك، ولا مستودعا أقل زكاء، ولا أبعد ثمرة خير من مكانه عندك. لأنه يحصل منك في حسب دني، ولسان بذي، ونسب قصي، وجهل قد ملك طباعك،
Bogga 199