[187_2]
بالكرامة، واعتمد عليه من دون الكتاب.
وفي رواية ثانية أن ذا الرياستين الفضل بن سهل لما أدخل رأس الأمين على أخيه المأمون أدخله على ترس بيده، فلما رآه سجد ثم أمره المأمون أن ينشئ كتابا عن طاهر بخبره ليقرأه على الناس، فكتبت عدة كتب لم يرضها واستطالها، فكتب أحمد بن يوسف هذا الكتاب، فلما عرض النسخة على ذي الرياستين رجع نظره فيها، ثم قال لأحمد: ما أنصفناك. وأمر له بصلات وكس وكراع وغير ذلك. وقال إذا كان غدا فاقعد في الديون، وليقعد جميع الكتاب بين يديك، واكتب إلى الآفاق.
وسواء صحت الرواية الأولي أو الثانية وسواء كتب أحمد في خراسان أو بغداد عن يد الفضل أو عن يد طاهر، فقد علا بهذا الكتاب نجمة، وعرف من كتاب عصره فضله، وفي الدور عرفه الرؤساء فقط. بقي أن نعرف كيف اتصل بالمأمون، وصاحب الفضل لا يخفى، ورب العلم لا ينكر محله. فقد ذكروا أن أحمد بن أبي خالد الوزير كثير ما كان يصف أحمد للمأمون، ويحمله على منادمته، وكان طاهر بن الحسين يريده ويزين أمره، وإبراهيم بن المهدي يطريه ويقرظه، فأمر المأمون أحمد بن أبي خالد بإحضاره فلما وفق بين يديه قال: الحمد لله يا أمير المؤمنين الذي استخصك فيما استحفظك من دينه، وقلدك من خلافه، بسوابغ نعمه، وفضائل قسمه، وعرفك من تسير كل عسير جاولك عليه متمرد حتى ذل، ما جعله تكملة لما حباك به من موارد أموره بنجح مصادرها، حدا ناميا زائدا لا ينقطع أولاه، ولا ينقضي أخراه. وأنا أسأل الله يا أمير المؤمنين من إتمام بلائه لديك، ومنه عليك، وكفايته ما ولاك واسترعاك، وتحصين ما حازلك، والتمكين من بلاد عدوك، ما يمنع به بيضة الإسلام، ويعز بك أهله، ويبيح بك حمى الشرك، ويجمع لك متباين الألفة، وينجز بك في أهل العناد والضلالة وعده،
Bogga 187