169

Amiirrada Bayaan

أمراء البيان

[168_2]

أن ينقطع إلى نفسه أياما يصرفها في عمل يخلد به ذكره، ويعم القاصي والداني والحاضر والمقبل نفعه، وما جعل الله لرجل من قلبين في جوفه.

واختلفوا في كون عمرو بن مسعدة ولي الوزارة أو لم يتولها، فقال ياقوت: سماه بعض الشعراء وزيرا لعظم منزلته لا لأنه كان وزيرا. وقال المسعودي: إن المأمون استوزر الفضل بن سهل ثم أخاه الحسن بن سهل، فلما أظهر العجز عن الخدمة لعوارض من العلل ولزمه منزله، عدل المأمون إلى استكتاب كتاب لعلمه بكتابتهم وجزالتهم، وأنه ليس في عصرهم من يوازيهم ولا يدانيهم، فاستوزرهم وأحدا بعد واحد أولهم أحمد بن أبي خالد، ثم أحمد بن يوسف، ثم أبو عباد ثابت بن يحيى، وعمرو بن مسعدة بن صول، وكان يجري مجراهم ولا يعده كثير من الناس في الوزراء، قال: ولم يكن يسمى بيد يدي المأمون أحد من كتابه وزيرا، ولا يكاتب بذلك، فلأجل هذا ترك كثير من الناس أن يعد من ذكرنا في الوزراء. ومهما كان فالرتبة التي بلغها عمرو بن مسعدة وزارة وزيادة، كان إليه ديوان الرسائل وديوان الخاتم والتوقيع والأزمة، وسواء تقلد الوزارة أم لم يتقلدها فإن العظائم التي كان يندب إليها تدل على درجة الثقة به.

شيء من كلامه:

ومن كلام عمرو بن مسعدة: أعظم الناس أجرا، وأنبههم ذكرا، من لم يرض بموت العدل في دولته، ويتوخى ظهور الحجة في سلطانه، وإيصال المنافع إلى رعيته في حياته. وأسعد الرواة من دامت سعادة الحق في أيامه، وبعد وفاته وانقراضه. قال: الخط صور الكتب ترد إليها أرواحها. وكان يقول: الخط صورة جميلة لها معان جليلة، وربما ضاق عن العيون، وقد ملأ أحظار الفنون.

ونسب إليه: لا تصحب من يكون استمتاعه بمالك وجاهك، أكثر من إمتاعه لك بشكر لسانه وفوائد علمه، ومن كانت غايته الاحتيال على مالك وإطراءك في

Bogga 168