160

Amiirrada Bayaan

أمراء البيان

[159_2]

يجب عليهم قبل أن يذكروا ما لهم وذلك بقوله:

ولسنا ندع سيرة الأنبياء، وتعليم الخلفاء، وتأديب الحكماء، لأصحاب الأهواء. كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمر الأغنياء باتخاذ الغنم، والفقراء باتخاذ الدجاج. وقال: درهمك لمعاشك، ودينك لمعادك. فقسموا الأمور كلها على الدين والدنيا، ثم جعلوا أحد قسمي الجميع الدرهم. وقال أبو بكر الصديق رحمه الله: إني لا أبغض أهل البيت ينفقون رزق الأيام في اليوم الواحد، وكانوا يبغضون أهل البيت اللحمين. وكان هشام يقول: ضع الدرهم على الدرهم يكون مالا. ونهى أبو الأسود الدؤلي، وكان حكيما أديبا، وداهيا أريبا، عن جودكم هذا المولد، وعن كرمكم هذا المستحدث. فقال لأبنه: إذا بسط الله لك في الرزق فابسط، وإذا قبض فاقبض، ولا تجاود الله، فإن الله أجود منك. وقال: درهم من حل يخرج في حق خير من عشرة آلاف قبضا. وتلقط عرندا من بريم فقال: تضيعون مثل هذا وهو قوت امرئ مسلم يوما إلى الليل. وتلقط أبو الدراء حبات حنطة، فنهاه بعض المسرفين فقال: إيه ابن العبسية إن مرفقه المرء رفقه في معيشته. فلستم علي تردون ولا رأيي تفندون؛ فقدموا النظر قبل العزم، وتذكروا ما عليكم قيل أن تذكروا مالكم والسلام اه.

خاتمة:

وبعد فهذه صفات سهل بن هارون، وهذا نثره، بل هذا فكره وعقله؛ تعرفنا على الجملة بالقليل المأثور عنه، طريقته وحقيقته، وعلمنا كيف يبالغ في تنوق كرائم ألفاظه، ويسلكها في سلكه، ويرصعها في عقوده، فتجئ جزالة من دون تعمل، وسلاسة من غير ما تبذل، ونمطا عاليا من السهل الممتنع، يتدفق حكمة، ويسيل بيانا.

سهل بن هارون أحد أفراد قلائل، زانوا بما صاغوا من الكلام أدب العرب،

Bogga 159