[111_2]
تفرطن في اكتسابهم وابتغاء الوصلات والأسباب إليهم. وقال له الرجل: أنا بالصديق آنس مني بالأخ، فقال: صدقت، الصديق نسيب الروح، والأخ نسيب الجسم وقال من سوء المجالسة أن الرجل تثقل عليه النعمة يراها بصاحبه، فيكون ممن يشتفي به منه تصغير أمره وتكدير النعمة عنده، بذكر الزوال والانتفال كأنه واعظ أو قاص، ولا يخفي ذلك على من يعني به، ولا ينزله منزلة الوعظ والإبلاغ، بل الحسد والاسترواح إلى غير راحته وقال: لا تلتمس غلبة صاحبك والظفر به عند كل كلمة، ولا تستطيلن عليه بظهور حجتك، فان قوما قد يحملهم حب الغلبة أن يتعقبوا الكلمة بعد ما تنسى، يلتمسون بذلك الغلبة والاستطالة على الأصحاب، وذلك في العقل ضعف، وفي الأخلاق لؤم.
12 - ومما قال في اجتناب حديث تتبرم فيه النفوس: اعلم أنه تكاد تكون لكل رجل غالبة حديث، أما عن بلاد من البلدان، أو ضرب من ضروب العلم، أو صنف من صنوف الناس، أو وجه من وجوه الرأي، وعندما يغرم به الرجل من ذلك يبدو منه السخف، ويعرف منه الهوى، فاجتنب ذلك في كل موطن، ثم عند أولي الأمر خاصة.
13 - وقال في الابتعاد عن انتحال أقوال الأصدقاء: إن سمعت صاحبك كلاما أو رأيا يعجبك، فلا تنتحله تزينأ به عند الناس، واكتف من التزين بأن تجتنبي الصواب إذا سمعته وتنسبه إلى صاحبه، واعلم أن انتحالك ذاك سخطة لصاحبك، وأن فيه مع ذلك عارا، فإن بلغ ذلك بك أن تشير برأي الرجل، وتتكلم بكلامه وهو يسمع، جمعت مع الظلم قلة الحياء، وهذا من سوء الأدب الفاشي في الناس، ومن تمام حسن الخلق والأدب أن يسخو نفسك لأخيك بما انتحل من كلامك ورأيك، وتنسب إليه رأيه وكلامه، وتزينه مع ذلك ما استطعت. وقال: إياك أن تبتدئ حديثا ثم تقطعه كأنك رويت فيه، ولكن اجعل ترويتك فيه قبل ابتدائه والتفوه به،
Bogga 111