Qaramada Midoobay: Hordhac Gaaban
الأمم المتحدة: مقدمة قصيرة جدا
Noocyada
ربما يكون أبرز المواضيع المثيرة للجدل فيما يخص مجلس حقوق الإنسان - إلى جانب نظام حقوق الإنسان الإجمالي (بما فيه المحكمة الجنائية الدولية) في القرن الحادي والعشرين - هو دور الولايات المتحدة؛ فنتيجة لرفضها الانضمام للمحكمة الجنائية الدولية، اتحد عدد من الدول الأوروبية للتصويت من أجل إخراج الولايات المتحدة من لجنة حقوق الإنسان في عام 2001، ومع أنه سمح للولايات المتحدة بالعودة بعدها بعامين، فإنها استجابت بأن قاطعت كلا من المحكمة الجنائية الدولية ومجلس حقوق الإنسان. إن ما منع الولايات المتحدة من الانضمام لنظام حقوق الإنسان الجديد هو - بالأساس - الإشكالية نفسها التي كبلت الأمم المتحدة في كثير من المجالات الأخرى أيضا؛ المطالب المتعارضة للسيادة القومية والأمن القومي من جانب، والأممية من جانب آخر. في الوقت ذاته، استمرت الحكومة الأمريكية في تصوير نفسها كمناصر لحقوق الإنسان، وفي الواقع - عند مقارنة سجل الولايات المتحدة بدول عديدة أخرى أعضاء بمجلس حقوق الإنسان أو المحكمة الجنائية الدولية - يبدو سجل واشنطن ساميا، وذلك حتى انتشار أنباء تعذيب المشتبه في قيامهم بأعمال إرهابية في القاعدة الأمريكية بخليج جوانتانامو بكوبا في عام 2003، واستخدام الأمريكيين للتعذيب في سجن أبو غريب بالعراق في عام 2004.
قد يكون مفهوما لماذا لا يريد الأمريكيون أن يحاكم جنودهم أمام المحكمة الجنائية الدولية على جرائم الحرب التي ارتكبوها في العراق مثلا، لكن بالاستمرار خارج كل من المحكمة الجنائية الدولية ومجلس حقوق الإنسان يبعث الأمريكيون برسالة سلبية للحكومات الأخرى، المنخرطة في انتهاكات واسعة النطاق لحقوق الإنسان، بأن تحذو حذوها.
نتيجة لذلك يكون السؤال الذي يواجه الأمم المتحدة هو كيفية مواجهة عواقب انتهاكات حقوق الإنسان المحتمل وقوعها. إن المحكمة الجنائية الدولية - مثلا - أنشئت لمواجهة جانب من هذا التحدي؛ الحاجة لتقديم من ارتكبوا الجرائم للمحاكمة، لكن تظل هذه العملية طويلة للغاية. (5) الأمن البشري و«مسئولية الحماية»
صار استخدام مصطلح «الأمن البشري» شائعا بعد مؤتمر هلسنكي للأمن والتعاون الذي انعقد في عام 1975. ومثل التوقيع على ما سمي ب «اتفاقيات هلسنكي» في أوائل أغسطس عام 1975 إنجازا بارزا للدبلوماسية متعددة الأطراف؛ إذ وافقت خمس وثلاثون دولة أوروبية - بالإضافة للولايات المتحدة وكندا والاتحاد السوفييتي - على وثيقة ترسي قواعد أساسية على غرار حرمة حدود الدول الأوروبية بعد عام 1945. ومع هذا فقد ضمت اتفاقيات هلسنكي عددا من البنود المثيرة للجدل وقتها - والموجودة خفية في «القسم الثالث» بالوثيقة - التي أكدت على احترام حقوق الإنسان كعنصر مهم في الأمن الدولي. وبهذا مثلت اتفاقيات عام 1975 تحولا من الاهتمام بالأمن من منظور ضيق متركز على الدولة إلى اهتمام شامل واسع النطاق. منحت حقوق الأفراد والصلات البشرية عبر الحدود القومية مكانا خاصا بجوار الأسئلة التقليدية المتعلقة بالحدود. وفي ذروة الحرب الباردة لخص شعار قادم من مؤتمر هلسنكي الفكرة الأساسية وهو: «الأمن لا يتحقق بإقامة الحواجز، بل يتعزز ببناء الجسور.»
في القرن الحادي والعشرين بات مصطلح «الأمن البشري» يستخدم استخداما شائعا كاختصار للمخاوف والممارسات المتعلقة بالأوجه العديدة للتحرر من الخوف والتحرر من العوز، والعلاقات الوثيقة بينهما. وقد أنشأ الأمين العام كوفي عنان - بما يعكس أهمية هذا المفهوم - «لجنة الأمن البشري» في أوائل عام 2001. وقد قدمت اللجنة تقريرها النهائي في عام 2003 واقترحت فيه:
إطار عمل جديدا للأمن يركز مباشرة وتحديدا على البشر؛ فالأمن البشري يركز على وقاية البشر من التهديدات الحرجة والمتغلغلة، وتمكينهم من أخذ زمام أمور حياتهم، وهذا يتطلب إيجاد فرص حقيقية للبشر كي يعيشوا بأمان وكرامة ويكسبوا قوتهم.
وعلى هذا يضم الأمن البشري قضايا عديدة، أهمها الحاجة إلى مكافحة الفقر، وتحسين التعليم، وحماية الأطفال، وتسهيل الحصول على الرعاية الطبية، ومكافحة تجارة السلاح الدولية والمخدرات، وحماية البيئة.
ما من شك أن كل هذه القضايا كانت تمثل مشكلات جدية، لكن كان الأمر برمته يحمل مفارقة: فالأمم المتحدة لديها بالفعل منظمات مهمتها التعامل مع كل قضية من القضايا الموضحة في تقرير لجنة الأمن البشري؛ فقد انضم لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي في مكافحة الفقر كل من منظمة الأغذية والزراعة (الفاو)، ومنظمة العمل الدولية، والصندوق الدولي للتنمية الزراعية، وغيرها الكثير، وتحسين التعليم كان الهدف المحدد لمنظمة اليونسكو، ومساعدة الأطفال وحمايتهم كان مجال اختصاص اليونيسيف، أما منظمة الصحة العالمية فكانت تكافح من أجل تسهيل الحصول على الرعاية الطبية وتحسينها. وكان لدى الأمم المتحدة لجان لمكافحة تهريب السلاح والاتجار بالمخدرات. وهناك برنامج الأمم المتحدة للبيئة، الذي يتضح هدفه من اسمه، فإلى حد بعيد لم يكن «الأمن البشري» سوى اسم جامع يوضح ما كانت الأمم المتحدة تفعله بالفعل.
يمكن تلخيص الكثير من هذه الأمور في مفهوم «مسئولية الحماية»، وتعني أن الدول ذات السيادة تحمل مسئولية حماية مواطنيها من الكوارث التي يمكن تجنبها، لكن حين تعزف أو تعجز عن ذلك، يجب على مجتمع أوسع من الدول حمل هذه المسئولية. ومن جماعات البشر الذين يتعرض أمنهم البشري لخطر دائم والذين تنتهك حقوق الإنسان الخاصة بهم على نحو متكرر اللاجئون. (6) اللاجئون، والنازحون، ومفوضية الأمم المتحدة السامية لشئون اللاجئين
منذ فجر التاريخ والبشر يفرون من أوطانهم ويعزفون أو يعجزون عن العودة لخوفهم من الاضطهاد. في حالات عديدة كان سبب مشكلة اللاجئين هو الغزو العسكري، وفي حالات أخرى كان النظام الحاكم الذي ما إن يملك السلطة حتى يبدأ في اضطهاد مجموعة من البشر داخل حدود الدولة (كما حدث مع اليهود في ألمانيا النازية). وبصرف النظر عن سبب أي قضية بعينها للاجئين، عادة مثلت الحروب وتغير حدود الدول الأسباب التقليدية لما يشار إليه بالهجرة القسرية. وهذه الظاهرة قديمة قدم الحرب ذاتها.
Bog aan la aqoon