Qaramada Midoobay: Hordhac Gaaban
الأمم المتحدة: مقدمة قصيرة جدا
Noocyada
كان الهدف المتصور من هذه المؤسسات هو دعم السوق العالمية وتوسعتها وتنظيمها. كانت هذه المؤسسات - بصفة عامة - مؤسسات أنجلو أمريكية في تصميمها؛ فالبنك الدولي مثلا تلقى ما يقرب من 35 بالمائة من رأسماله الأصلي البالغ 9,1 مليارات دولار من الولايات المتحدة. علاوة على ذلك، من المهم هنا أن نذكر أن صندوق النقد والبنك الدوليين تحديدا أنشئا كمنظمات تكمن فيها السلطة في يد الدول المانحة. بعبارة أخرى، كانت قوة التصويت داخل هاتين المنظمتين تميل لكفة الدول الغنية والقوية (كبار المساهمين)، وعلى رأسها الولايات المتحدة. ومع أن الولايات المتحدة وغيرها من الدول الغربية الثرية معنية - لا ريب - بالاستقرار الاقتصادي والأمن، فإن جدول أعمالها كان يسيطر عليه الإيمان بأن تعزيز التجارة الحرة من خلال المعاهدات والآليات الدولية كان الضمان الأمثل ضد الانهيار الاقتصادي الدولي المستقبلي، ويعد أفضل أمل لمستقبل من الرخاء يسود العالم.
وقد حققت هذه الصيغة النجاح؛ فمنذ عام 1945 نمت التجارة الدولية في الحجم على نحو سريع، وساهمت كثيرا في نمو الناتج الإجمالي العالمي والناتج القومي للفرد. فبين عامي 1960 و1993 مثلا، نما الاقتصاد العالمي من 4 تريليونات إلى 23 تريليون دولار. وحتى بعد التعديل وفق النمو السكاني العالمي، لا يزال هذا يعني زيادة قدرها ثلاثة أضعاف في الناتج القومي للفرد.
لكن قصة النجاح هذه لها منتقدوها ومعارضوها؛ فقد رفض الاتحاد السوفييتي مشروع مارشال الذي مولته الولايات المتحدة في عام 1947، ثم أتبع ذلك بخلق نظام اقتصادي اشتراكي داخل الكتلة السوفييتية. وبعد عام 1949 رفضت جمهورية الصين الشعبية - بالقدر عينه من التصلب - الرأسمالية كسبيل لتعزيز «التقدم الاقتصادي والاجتماعي». وفي العقود التالية على ذلك ظل البنك الدولي وصندوق النقد الدولي والجات مؤسسات «غربية» تدعم رؤية أحد جانبي الصراع العالمي. وفي أواخر الثمانينيات وأوائل التسعينيات، أثبتت نهاية الحرب الباردة ظاهريا أن الرؤية الغربية كانت صائبة، وأن الطريقة الاشتراكية كانت خاطئة، وقد أكد تفكك الاتحاد السوفييتي هذه النقطة.
جاء التحدي الثاني من عملية إنهاء الاستعمار؛ فقد تسبب النمو الهائل في عدد الدول الأعضاء في تغيير ميزان القوة داخل الجمعية العامة للأمم المتحدة؛ إذ ظهرت في أوائل الستينيات حركة عدم الانحياز بوصفها أكبر تجمع للدول، وإن كان يغيب عنها التنسيق. نتج عن هذا التحول تأكيد كبير على القضايا الاقتصادية والاجتماعية، وتحديدا التوزيع غير المتساوي للثروة بين دول الشمال والجنوب. عقد مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية الأول في عام 1964، وأكد على هذا الأمر من خلال تكوين مجموعة الدول السبع والسبعين، وهي منظمة لتنمية دول أمريكا اللاتينية وآسيا وأفريقيا لا تزال تؤكد على أهمية المساعدة الإنمائية.
وبحلول عام 2008، ضمت مجموعة الدول السبع والسبعين أكثر من 130 دولة من الدول المسماة بدول الجنوب، أغلب هذه الدول فقير ومتخلف اقتصاديا مقارنة بدول أوروبا وأمريكا الشمالية، لكن أعدادها الكبيرة - سواء كدول أو أعداد السكان بها - والحقيقة الدائمة لعدم المساواة الاقتصادية بين دول العالم مثلت تحديا دائما لنظام الأمم المتحدة . (3) التنمية على رأس جدول الأعمال (3-1) البنك الدولي والمؤسسة الإنمائية الدولية
في الستينيات تحول جدول أعمال الأمم المتحدة من إعادة الإعمار إلى التنمية، وسريعا ما صار البنك الدولي يركز على المساعدات الإنمائية، وفي عام 1960 مول البنك هيئة فرعية تسمى «المؤسسة الإنمائية الدولية»، ومع أن الوكالة المقرضة الأصلية للبنك الدولي؛ البنك الدولي لإعادة الإعمار والتنمية، قد حولت تركيزها نحو ما يسمى بالدول ذات الدخل المتوسط، فإن مهمة المؤسسة الإنمائية الدولية كانت تقديم القروض والمنح بدون فوائد لأقل الدول نموا؛ تلك الدول التي كانت تسمى بالفعل في الخمسينيات بدول «العالم الثالث».
صدق على أول قروض المؤسسة الإنمائية الدولية لكل من شيلي وهندوراس والسودان في عام 1961. وعلى مدار خمسة وأربعين عاما تالية، منحت المؤسسة الإنمائية الدولية قرابة 161 مليار دولار على صورة قروض (عادة تسمى اعتمادات) إلى 108 دول، ذهب السواد الأعظم من هذه القروض إلى أفريقيا، وفي عام 2008 ذهب نصف القروض إلى دول جنوب الصحراء الكبرى بأفريقيا.
بالرغم من النوايا الطيبة الظاهرة، كثيرا ما كانت المؤسسة الإنمائية الدولية موضع استياء من جانب الدول المتلقية؛ فالبنك الدولي مؤسسة يتحكم فيها من يمولون عملياتها؛ ومن ثم تملك الولايات المتحدة تأثيرا مهيمنا، بوصفها «المساهم» الأساسي، على تحديد أولويات البنك. هذه الحقيقة تتأكد أكثر من واقع الاتفاق على أن يكون رئيس البنك الدولي أمريكيا، وأن تكون مقرات هذه المنظمة في واشنطن، والأمر عينه ينطبق على صندوق النقد الدولي. أيضا لم تساعد الاختيارات المثيرة للجدل لهذا المنصب - على غرار وزير الدفاع الأمريكي الأسبق روبرت ماكنمارا (1968-1981) أو نائب وزير الدفاع بول وولفويتز (2005-2007) - في تحسين سمعة البنك الدولي. في الواقع، نظر العديد من دول الجنوب إلى البنك الدولي كنسخة متجددة من الاستعمار الغربي (الشمالي)، وبناء عليه كانت هناك ضغوط منذ الستينيات داخل نظام الأمم المتحدة لإيجاد سبل بديلة لتعزيز التنمية. (3-2) مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية
أحد التعبيرات ذات المغزى عن هذه الرغبة كان الاجتماع الأول لمؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية، الذي عقد في عام 1964 في جنيف. كان لهذا المؤتمر نتيجتان مهمتان طويلتا الأمد؛ أولاهما: هي أنه قاد لإنشاء مجموعة الدول السبع والسبعين كمجموعة ضغط قوية تدافع عن مصالح الدول النامية، والثانية: هي أنه على مدار أربعة عقود، تبنى مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية قضية دمج الدول النامية في الاقتصاد العالمي باعتبارها مهمته الأساسية.
في الستينيات والسبعينيات ظهر مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية كمنتدى رئيسي للحوار بين الشمال والجنوب (أو الدول المتقدمة والنامية)، وكبيت خبرة عالمي كبير مختص بقضايا التنمية، وقد لعب دورا كبيرا في دفع الاتفاقات الدولية التي منحت الدول النامية فرصا أفضل لدخول أسواق الدول المتقدمة، وذلك من خلال التعريفات الجمركية المخفضة. وأسهم مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية في تحديد المقدار الذي على الدول المتقدمة تكريسه للمساعدات الإنمائية (في عام 1970 وافق المؤتمر على نسبة 0,7 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي كرقم مستهدف)، وحدد مجموعة من الدول بوصفها الدول الأقل نموا (والمسماة أحيانا بدول العالم الرابع).
Bog aan la aqoon