27
واللحف، وكانت كل منهن تحمل شعلة كبيرة تتوهج في جوانب القصر، حتى إذا فرغن من كل شيء دعون أوديسيوس في أدب ظرف أن ينهض لينام، وغفا بطل هيلانس، وأسلم عينيه لأحلام سعيدة.
ونهض الملك والملكة لينعما بطيب المنام.
حفل أولمبي
وصبغت أورورا بمثل حمرة الخجل وجنات المشرقين، فاستيقظ الملك وهب أوديسيوس من نومه، وذهبا إلى الشاطئ حيث تلقي السفن مراسيها، وهناك فوق مقعد حجري أملس جلسا يتحدثان، بينما كانت مينرفا تدق البشائر في شوارع المدينة، وقد بدت في صورة منادي الملك طيلسانه تدعو سادات الفياشيين وشيوخهم إلى مجلس الملك؛ للنظر في أمر هذا الغريب الكريم اللاجئ الذي حل عليه ضيفا، كأحد آلهة الأولمب برغم ضربه الطويل في عرض البحار.
وازدحم سادات المدينة وأشياخها في قاعة المجلس، وكانوا يقلبون في أوديسيوس نظرات الإعجاب والدهش، وكيف لا؟ وهذي مينرفا قد أضفت على صدره الرحب وكتفيه العظيمتين وجسمه السامق رواء علويا من الأبهة والجلال كان ينعكس وقارا ورهبة في قلوب الفياشيين.
ولما انتظم عقد القوم نهض ألكينوس الملك فقال: «يا سادة الفياشيين وشيوخ الأمة، كلمة مرتجلة، فاسمعوا وعوا: لقد حل هذا الضيف الكريم الذي لا أذكر اسمه في بيتي بعد أن شرق في آفاق العالم وغرب، وإنه ليرجو أن تمدوا له يد المعونة، فيعود أدراجه إلى بلاده في كنفكم سالما؛ إذ طالما كان هذا دأبكم، وإكرام الضيف والإحسان إلى الغرباء اللاجئين وردهم إلى ديارهم مهما كانت سحيقة آمنين، فالبدار إذن، هلموا إلى سفائنكم فتخيروا أحسنها حالا وأصلحها لمجالدة هذا البحر، ولتعدوا لها نخبة ذوي بأس من أصلب فتيانكم عودا وأشدهم مراسا؛ اثنين وخمسين عددا من أينع زهرات شباب هذه الأمة، ثم تعالوا إلي فإني مولم لكم تحية لهذا الضيف فلا يتأخر منكم أحد أبدا، وليحضر معكم أحب المنشدين دمودوكوس الإلهي صاحب الألحان الخالدة والصوت السماوي الساحر، فليشنف آذاننا بحلو أنغامه التي لا يقدر عليها إلا هو.»
وانصرف الملك وفي أثره شيوخ الفياشيين، وانطلق رسول إلى منزل المنشد دمودوكوس الإلهي، واختيرت النخبة ذات البأس من شباب الملاحين، وأعدت السفينة في مكانها الأمين من اليم، فنصب القلاع ونشر الشراع وصفت المجاديف، ثم مضى الجميع إلى بيت الملك، حيث كانت الجماهير الحاشدة تكظ الأبهاء وتزدحم في الدهاليز وتملأ الصالة الكبرى، وجيء بالذبائح، فهذان ثوران كبيران ذوا خوار، وهذي اثنتا عشرة شاة سمينة، وتلك أربعة خنازير كناز
1
ما كادت تذبح وتنتزع أنيابها حتى أخذ الجميع فيما أقبلوا له من طعام وشراب، ثم أقبل منادي الملك يقود المنشد الإلهي الأعمى رخيم الصوت صفي ربات الفنون اللائي عدلن له بقسطين من خير ومن شر سواء، فوهبنه التطريب المعجز، وسلبنه النور من عينيه العزيزتين، وأقيم له عرش ممرد في وسط الصالة الكبرى عند عمود مرمري عظيم، فاستوى عليه، وأعلمه بونتونوس بمكان قيثارته المعلقة فوق رأسه، ووضع بين يديه سلة من طعام ومزة.
Bog aan la aqoon