146

Udise

الأوديسة

Noocyada

ما إن هتك الفجر المبكر الوردي الأنامل حجب الظلام، حتى أسرع أوديسيوس فارتدى قميصا وعباءة، وتسربلت الحورية في ثوب فضفاض أبيض أنيق قد أحكم نسجه، وشدت خصرها النحيل بحزام جميل من الذهب الإبريز، ووضعت على وجهها خمارا. بعد ذلك شرعت في وضع خطة رحيل أوديسيوس، العظيم القلب، فأعطته فأسا كبيرة تناسب يديه كل المناسبة، فأسا من البرونز، حادة الطرفين، ذات مقبض جميل من خشب الزيتون، قد ثبت إليها وثيقا، ثم أعطته كذلك معزقة مشحوذة لامعة. وبعدها، سارت في طريقها إلى تخوم الجزيرة، حيث تقوم الأشجار الباسقة، أشجار الحور والشربين، شامخة برءوسها نحو السماء، طويلة جافة، ومجففة من عصيرها الخلوي، وبذا يمكنها أن تطفو بخفة على سطح الماء،

17

من أجله. وما إن دلته كالوبسو، الربة الجميلة على موضع الأشجار السامقة، حتى عادت أدراجها إلى بيتها، بينما أخذ أوديسيوس يقطع الأخشاب، حتى تقدم في عمله هذا بسرعة، فقطع عشرين شجرة كاملة، وشذبها وسواها بالفأس. بعد ذلك راح يصقلها بمهارة، ويسويها حتى غدت مستقيمة تماما. وفي تلك الأثناء، أحضرت إليه الربة كالوبسو الحسناء أزاميل، شرع يحفر بها قطع الأخشاب ويثبت كل واحدة منها بالأخرى. كما راح يصلها ببعضها بواسطة الأسافين والتعشيق، وبالطرق كان يضمها سويا. وكالرجل الماهر في فن النجارة، الذي يحدد انحناء هيكل سفينة نقل، ذات اتساع عريض، أخذ أوديسيوس يصنع طوفه عريضا، ثم ثبت قوائم ظهر الطوف، معشقا إياها في الدعامات المتراصة المتقاربة. وهكذا طفق يشتغل بجد، حتى انتهى من الطوف الطويل الحافات. بعد ذلك ثبت في الطوف صاريا ودعامة مستعرضة تمسك الصاري، وزيادة على ذلك صنع لنفسه مجذافا موجها يستطيع بواسطته أن يقود الطوف. وبعد هذا أحاط الجميع من الجؤجؤ إلى المؤخرة، بحاجز من أغصان الصفصاف لتدرأ عنه الأمواج، وفرشه بكمية كبيرة من أوراق الأشجار.

18

كما أحضرت له كالوبسو، الربة الجميلة، منسوجا ليصنع لنفسه منه شراعا، فصنع هذا بمهارة أيضا، وثبت الطوف بالأربطة والحبال والألواح، ثم أنزله إلى البحر اللامع بواسطة الروافع.

19

أوديسيوس في البحر ثانية

أقبل اليوم الرابع، وقد أتم أوديسيوس عمله. وفي اليوم الخامس أرسلته كالوبسو الفاتنة في طريقه من الجزيرة، بعد أن غسلته وألبسته ثوبا عبق الرائحة، ووضعت الربة فوق الطوف قربة من الخمر الصهباء القاتمة، وقربة أخرى كبيرة من الماء القراح، وكيسا مملوءا بالزاد، به كمية وافرة من الأطعمة الشهية حتى لا يجوع، كما أرسلت خلفه ريحا رقيقة دافئة. وهكذا بسط أوديسيوس العظيم شراعه للنسيم مغتطبا، فجلس يقود طوفه بمهارة بمجذاف القيادة، ولم يداعب النوم جفنيه وهو يراقب البلاياديس

،

20

Bog aan la aqoon