Udaba Carab Fi Jahiliyya Wa Sadr Islam
أدباء العرب في الجاهلية وصدر الإسلام
Noocyada
من طيب الراح لما يعد أن عتقا
وذكر أنه شربها مع أصحابه إذ يقول:
وقد أغدو على ثبة كرام
نشاوى واجدين لما نشاء
76
لهم راح وراووق ومسك
تعل به جلودهم وماء
وهو لم ينزه ممدوحه عن شربها، وإنما نزهه عن إتلاف ماله فيها؛ ليجعله مستهلكا في العطاء. ولم يهجرها قيس بن عاصم؛ لأنه مقت ارتشافها، أو رآها غير صالحة لإرواء غليله وشفاء نفسه، وإنما عقها بعدما ورطته في أقبح المعرات. فشعراء الجاهلية - على الإجمال - أحبوا الخمرة وشربوها وافتنوا في وصفها، على ما بينهم من تفاوت، فتركوا من معانيهم وتصاويرهم أشياء لمن جاء بعدهم من شعراء الدولتين. (8) الحكم والمواعظ
الحكم في الجاهلية وليدة حوادث الدهر وتجاربه، لا وليدة العلم الصحيح والتفكير العميق والتأمل الطويل. فجاءت - في كثرتها - من الحقائق البدهية والفكر المشترك، موافقة لحياة القبيلة في الصحراء، وما تواضعت عليه في ناموسها الفطري من الآداب الخلقية والاجتماعية، ترشد البدوي إلى منافعه، وتبعده عن مضاره، تزين له الفضائل التي تحمدها الحمية الجاهلية كتعظيم القوة وتحقير الضعف، وظلم البعداء والحلم على الأقرباء، والعفة عن الجارة، وإدراك الثأر، وصنع المعروف لنيل الثناء واكتساب الذكر الجميل، كما تزين له فضائل إنسانية لا يحدها زمان ولا مكان كالأمانة والوفاء بالوعد، واصطفاء الصديق، وتجنب الرياء والخيانة، وإباء الذل، والصبر على المصائب. ونظروا في حياتهم الاقتصادية، فتكلموا على الكسب وجمع المال وتثميره وحسن القيام عليه. قال المتلمس:
لحفظ المال خير من بغاه
Bog aan la aqoon