Udaba Carab Fi Jahiliyya Wa Sadr Islam
أدباء العرب في الجاهلية وصدر الإسلام
Noocyada
تخر له الجبابر ساجدينا
فقد ملأ شاعرنا البر والبحر بجيوشه وسفنه، وجعل الدنيا ومن عليها ملكا له ولبني تغلب، وترك الجبابرة تسجد لفطيمهم. فأما وقد رأيت ذلك فلا تحمل نفسك على معرفة ما كان له من قوى برية وبحرية. بل حسبك أن تعلم أنه سبط المهلهل، وأن جده، لولا عصف الرياح، لأسمع صليل سيوف قومه على مسافة عشرة أيام. وغير عجيب أن يخسر التغلبيون قضيتهم عند عمرو بن هند، بعدما أوسعه ابن كلثوم تهديدا ووعيدا ومكاثرة وفخرا. (5-9) منزلته
تبين مما تقدم أن عمرو بن كلثوم ورث عن جده المهلهل أكثر ميزاته، فله رقته ولينه، وله تكراره وتكثره، وله غلوه وكذبه، وله تبجحه ووعيده. وفي شعره فوائد تاريخية نراها في المعلقة وغير المعلقة، فهو يخبرنا - في هجوه النعمان - أن أم النعمان كانت ابنة صائغ، وأن أخاها صائغ ينفخ الكير في يثرب. ويذكر لنا في مطولته كيف كانت النساء تتبع الرجال في الحروب، وتقوت جيادهم، وتحثهم على الصبر في القتال، ويطلعنا على شيء من صناعات العرب وملاهي أولادهم.
ولمعلقته ميزات بوأته منزلة سامية في الشعر. فهي في سهولتها وانسجامها، وفي رنتها الموسيقية المطربة أصدق مثال للشعر الغنائي، مع ما فيها من عناصر ملحمية في ذكر الحروب وتمجيد قومه وتصوير الحياة البدوية. وهي على غلوها ومكاثرتها، معجبة محبوبة لبعدها من التكلف. فإذا غالت وكاثرت، فإنما هي تتكلم بعاطفتها لا بعقلها. فالفخر عند ابن كلثوم عاطفي محض لا سلطة للعقل عليه.
وقد بلغت معلقته - على منزلتها الأدبية - منزلة قومية، لم تبلغها قصيدة سواها. فإن بني تغلب كانوا يعظمونها جدا، ويرويها صغارهم وكبارهم، حتى هجاهم بذلك بعض بني بكر أعدائهم فقال:
ألهى بني تغلب عن كل مكرمة
قصيدة قالها عمرو بن كلثوم
يروونها أبدا مذ كان أولهم
يا للرجال لشعر غير مسئوم!
92
Bog aan la aqoon