Udaba Carab Fi Jahiliyya Wa Sadr Islam
أدباء العرب في الجاهلية وصدر الإسلام
Noocyada
والفطرة في شعره تتمثل أصدق تمثيل بصراحته وسذاجة عقائده، وتحمسه الشديد لها، تلك الصراحة التي جعلته يتحدث عن نفسه في خيرها وشرها. فيطلعنا على حياته اللاهية وشربه وتبذيره، وحياته البائسة، وقد أفلس وطردته العشيرة، وترك منفردا كالبعير الجرب. ثم هذا التشكي البريء لجور ابن عمه وإعراضه، فابن عمه يراه جانيا ويقسو عليه، وهو لا يرى على نفسه ذنبا يستحق هذه القسوة، وإن يكن أهمل رعاية الإبل حتى سرقت منه، فقد سعى جهده في طلبها وإرجاعها، فأي ذنب بعدها يحسب عليه؟ هذه العقلية الغريبة، بما فيها من اقتناع بالبراءة، وإيمان بالنفس والآراء، وتخطئة لكل من يخالف عقائدها، هي مثال صادق لفطرة طرفة، وغرور شبابه، وعناده، وكبريائه. فشخصية طرفة القوية، هي التي ترفع قيمة شعره وتدنيه إلى القراء. يغلي في عروقه دم الشباب، فيفيض حماسة وشعورا، وإيمانا. ولا جرم أن سنه ترفد هذا الشعر، فتكسب صاحبه عطفا على العطف الذي يستحقه، فهو شعر الغلام القتيل، وابن العشرين. (2-8) هجوه وسخريته
أجمع الرواة على أن طرفة كان حديد اللسان جريء الهجاء، ويزعمون أن استخفافه بالناس قرب أجله. غير أن هذه الخاصة لا نجدها في المعلقة على تعدد أغراضها، فينبغي لنا أن نلتمسها في غير المعلقة. وقد عرفت أن ما وصل إلينا من شعر طرفة، قليل جدا وأكثره لا يعول عليه. ولكننا نأخذ شواهد، على هذه الميزة في الشاعر. انتقاده لشعر خاله المتلمس، وكان طرفة غلاما يلعب مع أترابه فسمع خاله يقول:
وقد أتناسى الهم عند احتضاره
بناج عليه الصيعرية مكدم
45
والصيعرية سمة للنوق، فقال طرفة: «استنوق الجمل.» فأرسلها مثلا، وضحك القوم؛ فغضب المتلمس ونظر إلى لسان طرفة فقال: «ويل لهذا من هذا.» يعني رأسه من لسانه، ونأخذ أيضا هجوه لعمرو بن هند وأخيه قابوس:
فليت لنا مكان الملك عمرو
رغوثا حول قبتنا تخور
لعمرك إن قابوس بن هند
ليخلط ملكه نوك كثير
Bog aan la aqoon