261

Qoraayaasha Carabta ee Cusmaaniyiinta

أدباء العرب في الأعصر العباسية

Noocyada

وهو أقل الشعراء إخلالا بالأوزان، فليس في ديوانه إلا بيت أو بيتان خرج بهما عن الوزن كقوله:

تعثرت به في الأفواه ألسنها

والبرد في الطرق والأقلام في الكتب

63

فقد اختلس حركة الهاء من به. ويدرك عليه بعض سقطات في اللغة كقوله:

من لبيض الملوك أن تبدل اللو

ن بلون الأستاذ والسحناء

64

ووجه الكلام أن يقول: «أن تبدل بلونها لون الأستاذ.» لأن ما دخل عليه حرف الجر في هذا الفعل كان هو المتروك. (2-3) منزلته

أوتي المتنبي شهرة لم يؤتها شاعر قبله، فسار شعره على غوارب السنين والأحقاب، تردده الحواضر والبوادي، وتختصم فيه مجالس الأدب، وتعقد عليه حلقات الطلب. وحجب شعراء زمانه فلم يذكر معه إلا أبو فراس، ولولا مكانه من السلطان لأخفاه. وكان من عداوة الأدباء له أن ضاعفت سيرورة شعره؛ لأن اهتمامهم بنقد أقواله، وإظهار معايبه، جعل الناس يلتفتون لفته من كل صوب، وقام له أنصار ينافحون عنه، ويردون حجج خصومه، فصنفت الكتب في ما له وما عليه، وعني الشراح بتفسير ديوانه لكثرة الراغبين فيه، فكتب له الخلود في أرفع ألواحه، وتبوأ أعلى درجاته. هذا ولسنا نزعم أن خلوده مدين لعداوة الأدباء دون غيرها، فلو لم يكن في شعره ما يستحق هذا الاهتمام لما شغل به الناس، وملأ الدنيا على حد قول ابن رشيق؛ فإن في شعره من قوة البلاغ، وطيب المساغ، ما يستبي الأسماع، ويلج القلوب بغير استئذان. ولربما قرأت له قصيدة دون أن تبغي حفظ شيء منها فما تتركها إلا وأنت راوية له على الرغم منك. ولا ريب في أن ذلك عائد على فرة مقلداته التي استقاها من فلسفة الحياة، فلا تقع حادثة في نظام الاجتماع إلا كان لها في شعره ما يتمثل به، فكأنه كما يقول الشيخ إبراهيم اليازجي: «ينطق بألسنة الحدثان، ويتكلم بخاطر كل إنسان .» وقد وفق لإفراغ هذه المقلدات في قالب سهل واضح، فساغتها النفوس، وعلقت بالحوافظ، وقلما وجدت له بيتا عائرا إلا وقد جمع حلاوة اللفظ وشرف المعنى.

Bog aan la aqoon