224

Qoraayaasha Carabta ee Cusmaaniyiinta

أدباء العرب في الأعصر العباسية

Noocyada

وأروع مدائح المتنبي ما قاله في سيف الدولة، ويكاد يبلغ ثلث شعره. ويمتاز في وصف الجيوش والمعارك، وصدق العاطفة وإخلاص الولاء، والإدلال على الممدوح، ومخاطبته بلغة العشاق والمحبين. وهذه الخاصة تكاد تشمل جميع مدائح المتنبي، إلا أنها في مدح سيف الدولة أظهر وأدل؛ لأن أبا الطيب لم يحب ممدوحا كما أحب صاحب حلب، ولم يخلص الود لأمير كما أخلص له، فهو شاعر سيف الدولة وإن تعدد ممدوحوه.

وليست مدائحه في كافور كذلك، فإنها كذب محض، وتجارة محض. ولكنها رائعة الفن، بديعة الأسلوب؛ لأن الشاعر استطاع أن يلبسها ثوبا ذا لونين اتحد ظاهرهما واختلفت حقيقتهما، فمزج المدح بالسخر والجد بالعبث، ولا يلام أبو الطيب في مدحه الكاذب لكافور؛ لأنه لم يقصده إلا بعد أن دعاه إليه، ولم يمدحه شغفا بمناقبه، ولكن رجاء أن ينال منه ولاية يمحو بها خيبته، ويفقأ عيون خصومه، ويحقق أحلام صباه؛ فقد كان شاعرنا متهالكا في طلبها، وبه مثل الجنون للحصول عليها، حتى إنه اصطنع التزلف على غير عادته، فكان ينشد العبد واقفا بين يديه، ولم ينشد الحر إلا قاعدا.

ووعده كافور بالولاية فاستنجزه الوعد، فأرهقه مطلا وتسويفا، فكانت نفسه الكبيرة تتألم لعبث الأسود بها، واضطرارها إلى مصانعته. وبوسعنا أن نتبين سوء حالها من تململ الشاعر في كل قصيدة مدح بها كافورا، وإلحافه في طلب الولاية، وتذمره على التسويف:

إذا لم تنط بي ضيعة أو ولاية

فجودك يكسوني وشغلك يسلب

24

ولئن كان أبو الطيب بارع الفن في مدح كافور، لقد كان سيئ السياسة في مصاحبته، قصير الحيلة في استمالته، ضعيف النظر في استبصار فطنته، فإنه ما كاد يدخل عليه لينشده أول قصيدة صنعها فيه حتى فاجأه بطلب الولاية، وأظهر له غرضه من مجيئه إليه، فقال في يائيته:

وغير كثير أن يزورك راجل

فيرجع ملكا للعراقين واليا

فعلم العبد أن أبا الطيب طامع فيه، فساء به ظنه، ومناه الوعود الكاذبة. وأبت نفس المتنبي في جبروتها أن تستتر مع رغبتها في اصطناع التزلف، فطفق الشاعر يتغنى بفضله ويتسامى إلى مقام الملوك فيقول:

Bog aan la aqoon