Qoraayaasha Carabta ee Cusmaaniyiinta
أدباء العرب في الأعصر العباسية
Noocyada
وساء ظنه بعصره فتشاءم به، واحتقر أهليه، وزاده تشاؤما مغامراته الكثيرة، وإخفاقه المتتابع.
وعيب أبو الطيب بالبخل، فرووا عنه قصصا غريبة لا نطمئن إلى صحتها؛ لأنها تنافي كبره وإباءه، ولأن الشاعر كان كثير الحساد، فوضعوا عليه هذه النوادر ليتنقصوه ويسقطوه. ونحن لا نزعم أن أبا الطيب سخي متلاف؛ فذلك ليس من طباعه، ولكننا لا نراه لحزا شحيحا، فقد طالما ذم الحرص وافتخر بكرمه. ولو كان ممن يحرصون على جمع المال لما استنكف أن يمدح كل أمير يسأله مديحا. وأغلب ظننا أن المتنبي كان مقتصدا؛ لأنه ذاق طعم الفقر في صباه، ورأى فيه ضيما، ونفسه تأبى الضيم، فكره التبذير خوفا من ذل الفاقة، وهو يطلب المجد، وعنده أن المجد لا يدرك بغير المال: «فلا مجد في الدنيا لمن قل ماله.» فحرص أبي الطيب على طلب المجد جعله يؤثر الاقتصاد، ولا يسرف في الإنفاق.
أستاذوه وعلومه
طلب المتنبي العلم في صباه، ورغب في تحصيله، فحمله والده إلى الشام، فأدخله المكاتب، وطوف به في الحواضر والبوادي، وردده في القبائل، حتى توفي أبوه وقد ترعرع أبو الطيب وشعر وبرع. وكان يلزم حوانيت الوراقين، ويقصد أشهر أصحاب اللغة والأدب في الشام والعراق ويأخذ عنهم. فقد جالس ابن السراج، والأخفش الأصغر، وابن دريد، وأبا علي الفارسي، وأخذ عنهم. ولم ينفك يتوغل في البادية، ويصاحب الأعراب، حتى صار بدويا قحا فصيح اللسان، عالما بمذاهب الكلام، مطلعا على غريب اللغة وحوشيها، واسع الرواية لا يسأل عن شيء إلا استشهد فيه بكلام العرب من النظم والنثر، حتى قيل إن الشيخ أبا علي الفارسي سأله: «كم لنا من الجموع على وزن فعلى؟» فقال في الحال: «حجلى، وظربى.»
18
قال الشيخ أبو علي: «فطالعت كتب اللغة ثلاث ليال على أن أجد لهذين الجمعين ثالثا، فلم أجده.» وكان كثير الدرس يطوي معظم ليله والكتاب بيده، ولا يرحل إلا ودفاتره معه لا يستطيع عنها صبرا، وهو القائل: «وخير جليس في الزمان كتاب.»
وكان له إلمام بالعلوم الدخيلة، وفي شعره آراء كثيرة اقتبسها من فلاسفة اليونان، ولا سيما أرسطو.
آثاره
لم يخدم الحظ شاعرا بعد موته، كما خدم أبا الطيب المتنبي، فإن الحرب التي أثارها عليه أعداؤه وحساده أقامت في وجوههم أنصارا له ومريدين، فسارت أشعاره على الأفواه، وتناقلها جمهور الأدباء، وعنوا بجمعها وشرحها؛ حتى ذكروا أن شراح ديوانه يزيدون على الأربعين؛ فمنهم في المتقدمين ابن جني، وأبو العلاء المعري، والواحدي ، والعكبري. ومنهم في المحدثين اليازجيان، والبرقوقي.
واهتموا بنقد شعره اهتمامهم بجمعه وشرحه، فمنهم من جار وأسرف كالصاحب بن عباد في كتابه الكشف عن مساوئ شعر المتنبي، فإنه تتبع سقطاته دون حسناته وشنع عليه؛ لأن المتنبي أبى أن يزوره ويمدحه. وفعل مثله العبيدي
Bog aan la aqoon