Siyaasadda Shareecada ee Waddooyinka Xukunka

Ibn Qayyim al-Jawziyya d. 751 AH
65

Siyaasadda Shareecada ee Waddooyinka Xukunka

الطرق الحكمية في السياسة الشرعية

Daabacaha

مكتبة دار البيان

Lambarka Daabacaadda

بدون طبعة وبدون تاريخ

بِظَاهِرِ قَوْله تَعَالَى: ﴿قُلْ لا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا﴾ [الأنعام: ١٤٥] الْآيَةَ. وَقَدْ أَنْكَرَ النَّبِيُّ ﷺ عَلَى مَنْ رَدَّ سُنَّتَهُ الَّتِي لَمْ تُذْكَرْ فِي الْقُرْآنِ، وَلَمْ يَدَّعِ مُعَارَضَةَ الْقُرْآنِ لَهَا فَكَيْفَ يَكُونُ إنْكَارُهُ عَلَى مَنْ ادَّعَى أَنَّ سُنَّتَهُ تُخَالِفُ الْقُرْآنَ وَتُعَارِضُهُ؟ ٢٥ - (فَصْلٌ) الطَّرِيقُ الثَّانِي: أَنَّ الْيَمِينَ إنَّمَا شُرِعَتْ فِي جَانِبِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَلَا تُشْرَعُ فِي جَانِبِ الْمُدَّعِي، قَالُوا: وَيَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ: قَوْلُهُ ﷺ «الْبَيِّنَةُ عَلَى مَنْ ادَّعَى، وَالْيَمِينُ عَلَى مَنْ أَنْكَرَ» فَجُعِلَ الْيَمِينُ مِنْ جَانِبِ الْمُنْكِرِ، وَهَذِهِ الطَّرِيقَةُ ضَعِيفَةٌ جِدًّا مِنْ وُجُوهٍ. أَحَدُهَا: أَنَّ أَحَادِيثَ الْقَضَاءِ بِالشَّاهِدَيْنِ وَالْيَمِينِ أَصَحُّ وَأَصْرَحُ وَأَشْهَرُ. وَهَذَا الْحَدِيثُ لَمْ يَرْوِهِ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ الْكُتُبِ السِّتَّةِ. الثَّانِي: أَنَّهُ لَوْ قَاوَمَهَا فِي الصِّحَّةِ وَالشُّهْرَةِ لَوَجَبَ تَقْدِيمُهَا عَلَيْهِ لِخُصُوصِهَا وَعُمُومِهِ. الثَّالِثُ: أَنَّ الْيَمِينَ إنَّمَا كَانَتْ فِي جَانِبِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، حَيْثُ لَمْ يَتَرَجَّحْ جَانِبُ الْمُدَّعِي بِشَيْءٍ غَيْرِ الدَّعْوَى، فَيَكُونُ جَانِبُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَوْلَى بِالْيَمِينِ، لِقُوَّتِهِ بِأَصْلِ بَرَاءَةِ الذِّمَّةِ، فَكَانَ هُوَ أَقْوَى الْمُدَّعِيَيْنِ بِاسْتِصْحَابِ الْأَصْلِ، فَكَانَتْ الْيَمِينُ مِنْ جِهَتِهِ. فَإِذَا تَرَجَّحَ الْمُدَّعِي بِلَوْثٍ، أَوْ نُكُولٍ، أَوْ شَاهِدٍ كَانَ أَوْلَى بِالْيَمِينِ، لِقُوَّةِ جَانِبِهِ بِذَلِكَ، فَالْيَمِينُ - مَشْرُوعَةٌ فِي جَانِبِ أَقْوَى الْمُتَدَاعِيَيْنِ، فَأَيُّهُمَا قَوِيَ جَانِبُهُ شُرِعَتْ الْيَمِينُ فِي حَقِّهِ بِقُوَّتِهِ وَتَأْكِيدِهِ. وَلِهَذَا لَمَّا قَوِيَ جَانِبُ الْمُدَّعِينَ بِاللَّوْثِ شُرِعَتْ الْأَيْمَانُ فِي جَانِبِهِمْ، وَلَمَّا قَوِيَ جَانِبُ الْمُدَّعِي بِنُكُولِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ رُدَّتْ الْيَمِينُ عَلَيْهِ، كَمَا حَكَمَ بِهِ الصَّحَابَةُ، وَصَوَّبَهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ، وَقَالَ: مَا هُوَ بِبَعِيدٍ، يَحْلِفُ وَيَأْخُذُ. وَلَمَّا قَوِيَ جَانِبُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِالْبَرَاءَةِ الْأَصْلِيَّةِ: كَانَتْ الْيَمِينُ فِي حَقِّهِ وَكَذَلِكَ الْأُمَنَاءُ، كَالْمُودَعِ وَالْمُسْتَأْجِرِ وَالْوَكِيلِ وَالْوَصِيِّ: الْقَوْلُ قَوْلُهُمْ، وَيَحْلِفُونَ، لِقُوَّةِ جَانِبِهِمْ بِالْأَيْمَانِ. فَهَذِهِ قَاعِدَةُ الشَّرِيعَةِ الْمُسْتَمِرَّةُ، فَإِذَا أَقَامَ الْمُدَّعِي شَاهِدًا وَاحِدًا قَوِيَ جَانِبُهُ، فَتَرَجَّحَ عَلَى جَانِبِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، الَّذِي لَيْسَ مَعَهُ إلَّا مُجَرَّدُ اسْتِصْحَابِ الْأَصْلِ، وَهُوَ دَلِيلٌ ضَعِيفٌ يُدْفَعُ بِكُلِّ دَلِيلٍ يُخَالِفُهُ،

1 / 67