Siyaasadda Shareecada ee Waddooyinka Xukunka

Ibn Qayyim al-Jawziyya d. 751 AH
63

Siyaasadda Shareecada ee Waddooyinka Xukunka

الطرق الحكمية في السياسة الشرعية

Daabacaha

مكتبة دار البيان

Lambarka Daabacaadda

بدون طبعة وبدون تاريخ

أَمَّا الْأُولَى: فَلِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ وَخُلَفَاءَهُ مِنْ بَعْدِهِ حَكَمُوا بِهِ وَلَا يَحْكُمُونَ بِبَاطِلٍ. وَأَمَّا الثَّانِيَةُ: فَلِقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ﴾ [المائدة: ٤٩] وَقَوْلِهِ: ﴿إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللَّهُ﴾ [النساء: ١٠٥] فَالْحُكْمُ بِالشَّاهِدِ وَالْيَمِينِ مِمَّا أَرَاهُ اللَّهُ إيَّاهُ قَطْعًا. وَقَالَ تَعَالَى: ﴿فَلِذَلِكَ فَادْعُ وَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَلا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ وَقُلْ آمَنْتُ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنْ كِتَابٍ وَأُمِرْتُ لأَعْدِلَ بَيْنَكُمُ﴾ [الشورى: ١٥] وَهَذَا مِمَّا حَكَمَ بِهِ. فَهُوَ عَدْلٌ مَأْمُورٌ بِهِ مِنْ اللَّهِ وَلَا بُدَّ. ٢٤ - (فَصْلٌ) وَاَلَّذِينَ رَدُّوا هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ لَهُمْ طُرُقٌ: الطَّرِيقُ الْأُولَى: أَنَّهَا خِلَافُ كِتَابِ اللَّهِ، فَلَا تُقْبَلُ وَقَدْ بَيَّنَ الْأَئِمَّةُ كَالشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وَأَبِي عُبَيْدٍ وَغَيْرِهِمْ - أَنَّ كِتَابَ اللَّهِ لَا يُخَالِفُهَا بِوَجْهٍ، وَإِنَّهَا لَمُوَافِقَةٌ لِكِتَابِ اللَّهِ. وَأَنْكَرَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ وَالشَّافِعِيُّ عَلَى مَنْ رَدَّ أَحَادِيثَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ لِزَعْمِهِ أَنَّهَا تُخَالِفُ ظَاهِرَ الْقُرْآنِ، وَلِلْإِمَامِ أَحْمَدَ فِي ذَلِكَ كِتَابٌ مُفْرَدٌ سَمَّاهُ كِتَابَ طَاعَةِ الرَّسُولِ ﷺ ". وَاَلَّذِي يَجِبُ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ اعْتِقَادُهُ: أَنَّهُ لَيْسَ فِي سُنَنِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ الصَّحِيحَةِ سُنَّةٌ وَاحِدَةٌ تُخَالِفُ كِتَابَ اللَّهِ، بَلْ السُّنَنُ مَعَ كِتَابِ اللَّهِ عَلَى ثَلَاثِ مَنَازِلَ. الْمَنْزِلَةُ الْأُولَى: سُنَّةٌ مُوَافِقَةٌ شَاهِدَةٌ بِنَفْسِ مَا شَهِدَ بِهِ الْكِتَابُ الْمُنَزَّلُ. الْمَنْزِلَةُ الثَّانِيَةُ: سُنَّةٌ تُفَسِّرُ الْكِتَابَ، وَتُبَيِّنُ مُرَادَ اللَّهِ مِنْهُ، وَتُقَيِّدُ مُطْلَقَهُ. الْمَنْزِلَةُ الثَّالِثَةُ: سُنَّةٌ مُتَضَمِّنَةٌ لِحُكْمٍ سَكَتَ عَنْهُ الْكِتَابُ فَتُبَيِّنُهُ بَيَانًا مُبْتَدَأً وَلَا يَجُوزُ رَدُّ وَاحِدَةٍ مِنْ هَذِهِ الْأَقْسَامِ الثَّلَاثَةِ وَلَيْسَ لِلسُّنَّةِ مَعَ كِتَابِ اللَّهِ مَنْزِلَةٌ رَابِعَةٌ. وَقَدْ أَنْكَرَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ عَلَى مَنْ قَالَ: " السُّنَّةُ تَقْضِي عَلَى الْكِتَابِ " فَقَالَ: بَلْ السُّنَّةُ تُفَسِّرُ الْكِتَابَ وَتُبَيِّنُهُ، وَاَلَّذِي يَشْهَدُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ بِهِ: أَنَّهُ لَمْ تَأْتِ سُنَّةٌ صَحِيحَةٌ وَاحِدَةٌ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ تُنَاقِضُ كِتَابَ اللَّهِ وَتُخَالِفُهُ أَلْبَتَّةَ، كَيْفَ وَرَسُولُ اللَّهِ ﷺ هُوَ الْمُبَيِّنُ لِكِتَابِ اللَّهِ، وَعَلَيْهِ أُنْزِلَ، وَبِهِ هَدَاهُ اللَّهُ، وَهُوَ مَأْمُورٌ بِاتِّبَاعِهِ، وَهُوَ أَعْلَمُ الْخَلْقِ بِتَأْوِيلِهِ وَمُرَادِهِ، وَلَوْ سَاغَ رَدُّ سُنَنِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ لِمَا فَهِمَهُ الرَّجُلُ مِنْ ظَاهِرِ الْكِتَابِ لَرُدَّتْ بِذَلِكَ أَكْثَرُ السُّنَنِ، وَبَطَلَتْ بِالْكُلِّيَّةِ. فَمَا مِنْ أَحَدٍ يَحْتَجُّ عَلَيْهِ بِسُنَّةٍ صَحِيحَةٍ

1 / 65