Siyaasadda Shareecada ee Waddooyinka Xukunka

Ibn Qayyim al-Jawziyya d. 751 AH
52

Siyaasadda Shareecada ee Waddooyinka Xukunka

الطرق الحكمية في السياسة الشرعية

Daabacaha

مكتبة دار البيان

Lambarka Daabacaadda

بدون طبعة وبدون تاريخ

قِيلَ: لَا يَدُلُّ لَفْظُ الْحَدِيثِ عَلَى أَنَّ الْقِصَّةَ وَاحِدَةٌ، وَإِنْ دَلَّ، فَقَدْ قَالَ الْبُخَارِيُّ: لَمْ يَسْمَعْهُ حَجَّاجٌ مِنْ عَبْدِ الْجَبَّارِ، وَلَا سَمِعَهُ عَبْدُ الْجَبَّارِ مِنْ أَبِيهِ. حَكَاهُ الْبَيْهَقِيّ عَنْهُ، عَلَى أَنَّ فِي قَوْلِ الْبُخَارِيِّ: " إنَّ عَبْدَ الْجَبَّارِ وُلِدَ بَعْدَ مَوْتِ أَبِيهِ بِأَشْهُرٍ " نَظَرًا. فَإِنَّ مُسْلِمًا رَوَى فِي صَحِيحِهِ " عَنْ عَبْدِ الْجَبَّارِ قَالَ: " كُنْت غُلَامًا لَا أَعْقِلُ صَلَاةَ أَبِي. .. " الْحَدِيثَ، وَلَيْسَ فِي تَرْكِ رَجْمِهِ - مَعَ الِاعْتِرَافِ - مَا يُخَالِفُ أُصُولَ الشَّرْعِ، فَإِنَّهُ قَدْ تَابَ بِنَصِّ النَّبِيِّ ﷺ. وَمَنْ تَابَ مِنْ حَدٍّ قَبْلَ الْقُدْرَةِ عَلَيْهِ سَقَطَ عَنْهُ فِي أَصَحِّ الْقَوْلَيْنِ، وَقَدْ أَجْمَعَ عَلَيْهِ النَّاسُ فِي الْمُحَارِبِ، وَهُوَ تَنْبِيهٌ عَلَى مَنْ دُونَهُ، وَقَدْ «قَالَ النَّبِيُّ ﷺ لِلصَّحَابَةِ لَمَّا فَرَّ مَاعِزٌ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ: هَلَّا تَرَكْتُمُوهُ يَتُوبُ، فَيَتُوبَ اللَّهُ عَلَيْهِ؟» . فَإِنْ قِيلَ: فَكَيْفَ تَصْنَعُونَ بِأَمْرِهِ بِرَجْمِ الْمُتَّهَمِ الَّذِي ظَهَرَتْ بَرَاءَتُهُ، وَلَمْ يُقِرَّ، وَلَمْ تَقُمْ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ، بَلْ بِمُجَرَّدِ إقْرَارِ الْمَرْأَةِ عَلَيْهِ؟ قِيلَ: هَذَا - لَعَمْرُ اللَّهِ - هُوَ الَّذِي يَحْتَاجُ إلَى جَوَابٍ شَافٍ، فَإِنَّ الرَّجُلَ لَمْ يُقِرَّ، بَلْ قَالَ: " أَنَا الَّذِي أَغَثْتُهَا ". فَيُقَالُ - وَاَللَّهُ أَعْلَمُ -: إنَّ هَذَا مِثْلُ إقَامَةِ الْحَدِّ بِاللَّوْثِ الظَّاهِرِ الْقَوِيِّ، فَإِنَّهُ أُدْرِكَ وَهُوَ يَشْتَدُّ هَارِبًا بَيْنَ أَيْدِي الْقَوْمِ؛ وَاعْتَرَفَ بِأَنَّهُ كَانَ عِنْدَ الْمَرْأَةِ، وَادَّعَى أَنَّهُ كَانَ مُغِيثًا لَهَا، وَقَالَتْ الْمَرْأَةُ: هُوَ هَذَا، وَهَذَا لَوْثٌ ظَاهِرٌ. وَقَدْ أَقَامَ الصَّحَابَةُ حَدَّ الزِّنَا وَالْخَمْرِ بِاللَّوْثِ الَّذِي هُوَ نَظِيرُ هَذَا أَوْ قَرِيبٌ مِنْهُ؛ وَهُوَ الْحَمْلُ، وَالرَّائِحَةُ وَجَوَّزَ النَّبِيُّ ﷺ لِأَوْلِيَاءِ الْقَتِيلِ أَنْ يُقْسِمُوا عَلَى عَيْنِ الْقَاتِلِ - وَإِنْ لَمْ يَرَوْهُ - لِلَوْثٍ، وَلَمْ يَدْفَعْهُ إلَيْهِمْ. فَلَمَّا انْكَشَفَ الْأَمْرُ بِخِلَافِ ذَلِكَ تَعَيَّنَ الرُّجُوعُ إلَيْهِ، كَمَا لَوْ شَهِدَ عَلَيْهِ أَرْبَعَةٌ: أَنَّهُ زَنَى بِامْرَأَةٍ، فَحُكِمَ بِرَجْمِهِ، فَإِذَا هِيَ عَذْرَاءُ؛ أَوْ ظَهَرَ كَذِبُهُمْ، فَإِنَّ الْحَدَّ يُدْرَأُ عَنْهُ، وَلَوْ حُكِمَ بِهِ، فَهَذَا مَا ظَهَرَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ الَّذِي هُوَ مِنْ مُشْكِلَاتِ الْأَحَادِيثِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَقَرَأْت فِي كِتَابِ أَقْضِيَةِ عَلِيٍّ " ﵁ بِغَيْرِ إسْنَادٍ - " أَنَّ امْرَأَةً رُفِعَتْ إلَى عَلِيٍّ،

1 / 54