211

Siyaasadda Shareecada ee Waddooyinka Xukunka

الطرق الحكمية في السياسة الشرعية

Daabacaha

مكتبة دار البيان

Lambarka Daabacaadda

بدون طبعة وبدون تاريخ

وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ ذُكِرَتْ اسْتِطْرَادًا، وَإِلَّا فَالْمَقْصُودُ: أَنَّ النَّاسَ إذَا احْتَاجُوا إلَى أَرْبَابِ الصِّنَاعَاتِ كَالْفَلَّاحِينَ وَغَيْرِهِمْ - أُجْبِرُوا عَلَى ذَلِكَ بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ. وَهَذَا مِنْ التَّسْعِيرِ الْوَاجِبِ، فَهَذَا تَسْعِيرٌ فِي الْأَعْمَالِ.
وَأَمَّا التَّسْعِيرُ فِي الْأَمْوَالِ: فَإِذَا احْتَاجَ النَّاسُ إلَى سِلَاحٍ لِلْجِهَادِ وَآلَاتٍ، فَعَلَى أَرْبَابِهِ أَنْ يَبِيعُوهُ بِعِوَضِ الْمِثْلِ، وَلَا يُمَكَّنُوا مِنْ حَبْسِهِ إلَّا بِمَا يُرِيدُونَهُ مِنْ الثَّمَنِ، وَاَللَّهُ تَعَالَى قَدْ أَوْجَبَ الْجِهَادَ بِالنَّفْسِ وَالْمَالِ، فَكَيْفَ لَا يَجِبُ عَلَى أَرْبَابِ السِّلَاحِ بَذْلُهُ بِقِيمَتِهِ؟ وَمَنْ أَوْجَبَ عَلَى الْعَاجِزِ بِبَدَنِهِ أَنْ يُخْرِجَ مِنْ مَالِهِ مَا يَحُجُّ بِهِ الْغَيْرُ عَنْهُ وَلَمْ يُوجِبْ عَلَى الْمُسْتَطِيعِ بِمَالِهِ أَنْ يُخْرِجَ مَا يُجَاهِدُ بِهِ الْغَيْرُ: فَقَوْلُهُ ظَاهِرُ التَّنَاقُضِ، وَهَذَا أَحَدُ الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ الْإِمَامِ أَحْمَدَ، وَهُوَ الصَّوَابُ.
١٠٧ - (فَصْلٌ)
وَإِنَّمَا لَمْ يَقَعْ التَّسْعِيرُ فِي زَمَنِ النَّبِيِّ ﷺ بِالْمَدِينَةِ، لِأَنَّهُمْ لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُمْ مَنْ يَطْحَنُ وَيَخْبِزُ بِكِرَاءٍ، وَلَا مَنْ يَبِيعُ طَحِينًا وَخُبْزًا، بَلْ كَانُوا يَشْتَرُونَ الْحَبَّ وَيَطْحَنُونَهُ وَيَخْبِزُونَهُ فِي بُيُوتِهِمْ، وَكَانَ مَنْ قَدِمَ بِالْحَبِّ لَا يَتَلَقَّاهُ أَحَدٌ، بَلْ يَشْتَرِيهِ النَّاسُ مِنْ الْجَالِبِينَ؛ وَلِهَذَا جَاءَ فِي الْحَدِيثِ: «الْجَالِبُ مَرْزُوقٌ، وَالْمُحْتَكِرُ مَلْعُونٌ» .
وَكَذَلِكَ لَمْ يَكُنْ فِي الْمَدِينَةِ حَائِكٌ، بَلْ كَانَ يَقْدَمُ عَلَيْهِمْ بِالثِّيَابِ مِنْ الشَّامِ وَالْيَمَنِ وَغَيْرِهِمَا، فَيَشْتَرُونَهَا وَيَلْبَسُونَهَا.
[فَصَلِّ فِي تُنَازِع الْعُلَمَاء فِي التَّسْعِير]
١٠٨ - (فَصْلٌ)
فِي التَّسْعِيرِ وَقَدْ تَنَازَعَ الْعُلَمَاءُ فِي التَّسْعِيرِ فِي مَسْأَلَتَيْنِ: إحْدَاهُمَا: إذَا كَانَ لِلنَّاسِ سِعْرٌ غَالِبٌ، فَأَرَادَ بَعْضُهُمْ أَنْ يَبِيعَ بِأَغْلَى مِنْ ذَلِكَ، فَإِنَّهُ يُمْنَعُ مِنْ ذَلِكَ عِنْدَ مَالِكٍ. وَهَلْ يُمْنَعُ مِنْ النُّقْصَانِ؟ عَلَى قَوْلَيْنِ لَهُمْ. وَاحْتَجَّ مَالِكٌ ﵀ بِمَا رَوَاهُ فِي مُوَطَّئِهِ " عَنْ يُونُسَ بْنِ يُوسُفَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ: " أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ مَرَّ بِحَاطِبِ بْنِ أَبِي بَلْتَعَةَ، وَهُوَ يَبِيعُ زَبِيبًا لَهُ بِالسُّوقِ، فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: إمَّا أَنْ تَزِيدَ فِي السِّعْرِ، وَإِمَّا أَنْ تَرْفَعَ مِنْ سُوقِنَا ".

1 / 213