Tupiqa li-Aristutalis
طوپيقا لأرسطوطاليس
Noocyada
وأيضا ربما كان الأمر فى العكس، أعنى أنهم يضعون الجنس على أنه فصل، والفصل على أنه جنس، بمنزلة ما يضعون الحيرة بإفراط التعجب، والتصديق قوة الظن. وذلك أنه ليس الإفراط ولا الاستحكام جنسا، لكنهما فصلان، لأنه يظن بالحيرة أنها تعجب مفرط، والتصديق ظن مستحكم. والعجب والظن جنسان، والإفراط والاستحكام فصلان. وأيضا إن وصف واصف الإفراط والاستحكام بأنهما جنسان، صار ما لا نفس له يصدق ويتحير. وذلك أن استحكام كل واحد وإفراطه موجودان لذلك الشىء الذى هما له استحكام وإفراط. فإن كان التحير إفراط التعجب، فالتحير يوجد للتعجب. فالعجب إذا يتحير. وكذلك التصديق يوجد للظن، إذ كان استحكام الظن؛ فالظن إذن يصدق.— وأيضا يلزم من يصفهما بهذا الوصف أن يقول إن الاستحكام مستحكم، والإفراط مفرط. وذلك أن التصديق مستحكم. فإن كان التصديق استحكاما، فالاستحكام إذن مستحكم. وكذلك أيضا التحير مفرط؛ فإن كان التحير إفراطا فالإفراط مفرط. وليس يظن بهما ذلك أنه كذلك، كما لا يظن بالعلم أنه عالم، ولا بالحركة أنها متحركة. — وربما أخطأوا أيضا بوضعهم الأنفعال فى المنفعل على أنه جنس، بمنزلة الذين يقولون إن عدم الموت حياة أزلية. وذلك أنه قد يشبه أن يكون عدم الموت أنفعالا أو عرضا للحياة. والأمر فى أن ما قلناه حق يتبين من أن يسلم أحد أن شيئا يصير غير مائت بعد أن كان مائتا. وذلك أنه ليس لأحد أن يقول إنه يقبل حياة أخرى غير الحياة التى كانت له، بل يقول إن أنفعالا أو عرضا حدث لها. فليس الحياة إذا جنسا لعدم الموت.
وينظر أيضا إن كانوا يقولون إن الأنفعال جنس لذلك الشىء الذى هو له انفعال: بمنزلة ما يقولون إن الريح هواء متحرك. وذلك أن الأولى أن تكون الريح حركة الهواء. وذلك أن الهواء إذا تحرك وإذا سكن بقى واحدا بعينه. فليس الهواء ريحا أصلا، لأنه لو كان ريحا لكان يكون ريحا وهو ساكن أيضا، إذ كان يبقى هواء بحاله، كما كان هو ريحا. وكذلك يجرى الأمر فى سائر ما أشبه ذلك. وإن كان ينبغى أن يسلم فى هذا الفصل أيضا أن الريح هواء متحرك، إلا لأنه ليس ينبغى أن يقبل ذلك فى جميع الأشياء التى يصدق عليها الجنس، لكن فى الأشياء التى يحمل عليها بالحقيقة الجنس الموصوف. وذلك أنه فى بعض الأشياء ليس يظن به أنه يصدق كالحال فى الثلج والطين، فإنهم يقولون فى الثلج إنه ماء جامد، وفى الطين إنه تراب معجون بشىء رطب، أو ليس الثلج ماءا ولا الطين ترابا. فليس واحد مما ذكرنا جنسا، لأنه ينبغى أن يكون الجنس يصدق أبدا على الأنواع. وكذلك ليس الشراب ماءا عفنا، كما يقول أنبادوقليس إنه ماء متعفن فى العود. وذلك أنه ليس بماء على الإطلاق.
Bogga 577