Schmukel
الذي تزعم حركة التطهير بحديث لمراسل جريدة «الفيجارو» الذي ذهب معه في رحلة استطلاعية، وقد نشر هذا الحديث في تلك الجريدة بعددها الصادر يوم 31 / 1 / 1952 قال:
وضعت قائمة المسيرين والمشبوهين في كل قرية، ومساندة الجيش ضرورية لإلقاء القبض عليهم في هذه الجهة.
وزاد الكولونيل قائلا: وأسلوبنا هو أن نطوق كل قرية وندخلها ونعطي قائمة المشبوهين إلى رئيس القرية، ونقوم بعملية «التطهير» حول القرية لنلقي القبض على من يحاول الفرار، ونرسل المعتقلين إلى محتشد «ريفيار» وتقع عملية «التطهير» في شبه جزيرة الدخلة من الجنوب نحو الشمال. وسنصل على طريق الشاطئ إلى قرى في أثناء عملية «التطهير» طوقت «دار شعبان» في ضواحي نابل، ووقفت دبابة في الطريق المؤدية إلى داخل القرية، وفي الساحة الرئيسية جماعة من الأهالي أمام جندرم يراجع - وهو متردد - قائمة أسماء، وحولهم بعض جنود يحملون رشاشات صغيرة. وفي آخر الساحة بين عمارتين جماعات أخرى لابسين الجبة يشاهدون المنظر.
ثم عرجنا نحو الشرق على طريق سليمان الذي يشق شبه الجزيرة، وكان محروسا كله بالجنود للقبض على الهاربين. (1-1) عمليات القمع وفظاعتها
تارزكة، وهي قرية صغيرة في معزل عن الطرق الرئيسية، مشهورة بنشاط أهلها وحبهم للعمل، واشتغالها الرئيسي بالزراعة، وعدد رجالها لا يتجاوز السبعمائة، وقد تشكلت بها شعبة دستورية ككل القرى التونسية يرأسها شاب عرف بالحزم والصلابة، هو وحيد المسعدي، وقد اشتهرت تارزكة بوطنيتها، وشاركت مشاركة فعالة في تاريخ الحركة القومية، واصطدمت بالقوات الفرنسية عام 1938، وحكم على عدد من شبانها الذين مات كثير منهم في السجون الفرنسية وخاصة بسجون الجزائر، فهي تشاطر الشعب كله آماله وآلامه؛ تعيش عيشة هادئة ساكنة كأنها مكونة من عائلة واحدة، وليس فيها درك ولا بوليس فرنسي. ومن الملاحظ أنه لم تر فائدة في القيام بمظاهرات، ولم يلق القبض على أحد من أبنائها خلال المظاهرات التي حدثت في المدن المجاورة لها، ولم يمنعها ذلك من أن كانت أول مسرح للبطش الفرنسي بجهة الدخلة.
وحوالي الساعة السادسة والنصف من صباح يوم 29 / 1 / 1952 سمعت زوجة الشيخ (العمدة) طرقا على الباب، فأيقظت زوجها، ولما فتح الباب وجد نفسه أمام جماعة من الجنود الذين طلبوا منه أن يدعو مناديا لجمع السكان في الميدان العام.
وكانت تازركة في ذلك الوقت مطوقة بالجنود (الفرقة الثالثة من عساكر المظلات التابعة للفيف الأجنبي التي أتت من فرنسا أخيرا، وكان الدرك الفرنسي المحلي يقوم مقام الدليل لإرشادهم)، وأخذ بعض الجنود يتسلقون السطوح بينما أسرع السكان يجتمعون، ومنذ اللحظات الأولى أطلقت النار على مصطفى بن محمد المسعدي عند دخوله أحد الشوارع المؤدية لميدان الاجتماع، فخر صريعا، كما جرح أحد الضباط برصاصة كانت موجهة إلى الشهيد، ثم عرض جثمان مصطفى بأمر عسكري أمام الجموع في الميدان العام، وترك هناك مدة ساعتين.
وبعد حشد الرجال ذهب بعض الجنود إلى البيوت يبحثون عن المتخلفين الذين بلغ عددهم 55 شخصا أكثرهم من الشيوخ والعجز، وطلب إذ ذاك ضابط الجند بواسطة الشيخ (العمدة) أن تسلم له جميع الأسلحة ، ورافق الجنود أصحاب الأسلحة إلى بيوتهم لجلبها. ونفذ الأمر وسلمت، وهي مكونة من بنادق «الشرطية» (وهم أعوان العمدة في المحافظة على الأمن)، ومن بنادق صيد لأصحابها رخصة في حملها.
وإذ ذاك قدمت للشيخ قائمة بها 15 اسما طلب من أصحابهم الحضور، فتقدم أربعة من المذكورين بالقائمة، وأمروا بالالتحاق بمن سلموا بنادقهم وأوقفوا جميعا، وتقدم الضابط، وأعلن أنه في حالة عدم حضور التسعة أشخاص الآخرين قبل الساعة التاسعة والنصف؛ فإن الجنود ستهدم بيوت تازركة وتبتدئ ببيت وحيد المسعدي أحد المتغيبين، وأضاف أن وحدات أخرى من الجيش ينتظر وصولها، ولم يسمح لأحد بالذهاب للبحث عن المتغيبين.
Bog aan la aqoon