وروي أنه قدم بلخ فسأله أهلها أن يملي لكل واحد من مشايخه حديثا فأملى ألف حديث لألف شيخ ممن سمع منهم وما ظفروا منه بسقطه. وخرج الحافظ أبو بكر الخطيب في ((تاريخه)) من حديث يوسف بن موسى المروروذي قال: كنت بالبصرة في جامعها، إذ سمعت مناديا ينادي: يا أهل العلم، قد قدم محمد بن إسماعيل البخاري، فقاموا في طلبه، وكنت معهم، فرأيت رجلا شابا، لم يكن في لحيته شيء من البياض، يصلي خلف الأسطوانة. فلما فرغ من الصلاة، أحدقوا به، وسألوه أن يعقد لهم مجلس الإملاء، فأجابهم إلى ذلك. فقام المنادي ثانيا فنادى في جامع البصرة: قد قدم أبو عبد الله محمد بن إسماعيل البخاري فسألناه أن يعقد مجلس الإملاء، فقد أجاب بأن يجلس غدا في موضع كذا، قال: فلما أن كان بالغداة حضر الفقهاء، والمحدثون، والحفاظ، والنظار، حتى اجتمع قريب من كذا وكذا ألفا. فجلس أبو عبد الله محمد بن إسماعيل للإملاء فقال: قبل أن آخذ في الإملاء قال لهم: يا أهل البصرة أنا شاب وقد سألتموني أن أحدثكم، وسأحدثكم بأحاديث عن أهل بلدكم تستفيدون الكل فتعجب الناس من قوله، ثم أخذ في الإملاء، فقال: ثنا عبد الله بن عثمان بن جبلة بن أبي رواد العتكي بلديكم، أنا أبي، عن شعبة، عن منصور وغيره، عن سالم بن أبي الجعد، عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- أن أعرابيا جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله الرجل يحب القوم .. .. ؛ فذكر حديث ((المرء مع من أحب)) ثم قال محمد بن إسماعيل: هذا ليس عندكم إنما عندكم عن غير منصور، عن سالم، قال يوسف بن موسى: وأملي عليهم مجلسا على هذا النسق، يقول في كل حديث: روى شعبة هذا الحديث عندكم كذا فأما من رواية فلان فليس عندكم أو كلاما ذا معناه .
وقال أبو علي صالح بن محمد البغدادي كان محمد بن إسماعيل يجلس ببغداد وكنت أستملي له ويجتمع في مجلسه أكثر من عشرين ألفا.
Bogga 192