Tuhfat Asmac
تحفة الأسماع والأبصار
أقل به ركب أتوه بآية .... وأخوف إلا ما وقى الله ساريا تنبيه: اعلم أن هؤلاء القالة أمة شديدة البأس، متينة المراس، كثيرة العدد، مديدة الأمد، إذا توجهوا للحرب على أحد من الناس من الكفار وغيرهم كالمسلمين في جهة مدينة (أوسة) وما إليها فقد يبلغ عددهم نحو مائة ألف أو ما يوازي ذلك، ثم إنهم مع هذا أهل قوة في أبدانهم، وصبر على طول الأسفار واحتمال المضار، ولقد حكى لي من له خبرة بأحوالهم أن الرجل منهم إذا صرخ بأعلى صوته عند ملاقاة الحرب وسمع ذلك بعض الكفار من النصارى انفلق قلبه فيموت من نفس الصوت، وعلى الجملة إن هذه الأمة رأيت أوصافها تلحق أوصاف التتار، في ما نقله عنهم أهل التواريخ والأخبار، ومنهم مسلطون على نصارى جهة الحبشة من جميع جهاتهم، وأطراف بلادهم، لم تجد جهة من جهاتهم خالية عنهم، وأكثر السبي إنما يكون بأيدي هؤلاء القالة وهو من غيرهم نادر. انتهى.
رجعنا إلى ما نحن بصدده ثم أقمنا في هذا المحل المسمى (عين ملى) قدر شهر كامل، وقد كان هذا السلطان شحيم قدم رسولا من هؤلاء البدو إلى بعض أمراء ملك الحبشة المتولي على أقرب قطر إلينا من بلاده يخبره بقدومنا، وأنه يتلقانا إلى محل معين قد عينه له، بمن أمكنه من جموع النصارى، وهذا الكتاب قد كان سبق من أيام إقامتنا في بيلول، ورجع جوابه[83/ب] إلى هذا المحل المسمى (عين ملى) وبعد رجوع الجواب عليه أظهر المسرة العظيمة، وضرب عليها بالنقارة، واجتمعوا للعب الذي يعتادونه عند حصول المسار، وأراد بذلك السلطان شحيم تبشيرنا وادخال المسرة علينا، وتهوين الشدة، وتخفيف أثقال المخافة.
Bogga 368