Tuhfat Asmac
تحفة الأسماع والأبصار
وأما قبض الواجبات الشرعية من الأمور فقد دخلت في ولاية الشريف الكبير والسلطان الشهير زيد بن محسن -أيده الله- فأمر الفقيه الصالح التقي الناصح، الحسين بن يحيى بن علي النحوي من بقية الفقهاء آل النحوي كان له معاودة إلى تلك الجهات الشامية والحجازية وأصحبه كتابه (النصيحة الكافية الوجيزة الوافية)، وأمره أن يستصحب من الشريف الأكمل كتبا تتضمن ما أراد الإمام -عليه السلام-، وكتب الإمام أيضا إلى الشريف بمثل ذلك، فأخبرني الفقيه المذكور أن الشريف عظم عليه الفعل والترك، واطال إرجاء الفقيه المذكور عنده في مكة المشرفة حتى ساء ظن الفقيه، وقد اختلط بعض مشايخ[76/أ] بلاد حرب، وبعض الأشراف، فقالوا له تمضي بكتاب الإمام -عليه السلام- ونحن معك أو كما قالوا. وقال الشريف مرة بمثل ذلك، فقدم الفقيه المدينة المشرفة، فشاع أن هذا وال للإمام -عليه السلام- فعظم ذكره، ثم وصله أهل ينبع، وبعض مشايخ بوادي البلاد المذكورة، ومضى معهم إلى ينبع وبلادها، وأقيمت الجمعة، واجتمع إلى الفقيه المذكور فقهاء بلاد ينبع، ودعوا الناس إلى الإمام -عليه السلام- ورفعوا مناره وأعلنوا شعاره، وكتب أعيان السلطنة إلى صاحب مصر، وربما والي الروم مثل ذلك، ثم أن الشريف زيد تشاغل بالمخرج إلى بلاد نجد، وكان له في بلاد المدينة ابن عم يسمى الشريف يعلى بن حمزة يتردد في تلك البلاد وينظر في أمورها، فاتفق رأيهم أن أرسلوا عن أمر الشريف زيد، بواسطة هذا الشريف من يغتال الفقيه المذكور، وقد عظم على الشريف التظاهر بمعصية الإمام -عليه السلام- وعظم عليه أيضا أن يتهم في السلطنة.
قال الفقيه المذكور: ولما تفرق من عندنا من أهل ينبع بعد صلاة الجمعة، وصل اثنا عشر نفرا من أصحاب الشريف زيد وسمعنا بهم، ونظرناهم بعد ذلك، وقيل: إنهم قضوا لمطالبهم من البلاد وولاتها، وكانوا بالقرب منا، ولما تفرق الناس قدموا علينا، ولم يكن عندنا إلا صاحب المنزل ونحو ثلاثة أنفار فهجموا علينا فدافعناهم وحصل فيهم إصابات قاتلة أعظمها من الفقيه المذكور فإنه -عافاه الله-قوي البدن، شديد البأس، وحصل في الفقيه شيء وفيمن حضر، ثم وصلت الغارات، فقل من سلم من أولئك وهلك بعضهم في الطريق، ثم إن أهل ينبع دافعوا عن الفقيه وخرجوا معه إلى بلاد جهينة وشام جبل رضوى، فاجتمع إليه قبائل هنالك زيدية، وأرادوا منه إظهار الخلاف على الشريف زيد، وأن يقبض منهم الواجبات للإمام -عليه السلام- وذكروا له كيفية في الإمتناع عن الشريف زيد، وعن الأتراك -أقماهم الله- وشاع في مصر.
قال بعض من وصل من مصر بعد ذلك إنه سمع في مصر أن أول أصحاب الإمام -عليه السلام- في بواديها، وبلغ الإمام -عليه السلام- ذلك فرأى طلب الفقيه المذكور كفا للشر وعرف -عليه السلام- أن الشريف زيد -أيده الله- لا يرضى ما يخالف الأتراك ولا يأمنهم، وعاد الفقيه المذكور من طريق بيشة والسراة[76/ب] إلى الإمام -عليه السلام- في عام أحد وسبعين وألف[1661م] وهذه نسخة ما كتبه الإمام -عليه السلام- للفقيه المذكور:
Bogga 348