Tuhfat al-Habib ala Sharh al-Khatib
تحفة الحبيب على شرح الخطيب
Baare
مكتب البحوث والدراسات
Daabacaha
دار الفكر
Lambarka Daabacaadda
الأولى
Sanadka Daabacaadda
1415 AH
Goobta Daabacaadda
بيروت
Noocyada
Fiqiga Shaaficiga
[مُقَدِّمَة الْكتاب]
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي نَشَرَ لِلْعُلَمَاءِ أَعْلَامًا، وَثَبَّتَ لَهُمْ عَلَى الصِّرَاطِ الْمُسْتَقِيمِ أَقْدَامًا، وَجَعَلَ مَقَامَ الْعِلْمِ أَعْلَى مَقَامٍ
ــ
[حاشية البجيرمي]
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ الْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَى إفْضَالِهِ، وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَصَحْبِهِ وَآلِهِ.
وَبَعْدُ: فَيَقُولُ الْعَبْدُ الْفَقِيرُ مُنْكَسِرُ الْخَاطِرِ لِقِلَّةِ الْعَمَلِ وَالتَّقْوَى عُثْمَانُ ابْنُ الْعَلَّامَةِ الشَّيْخِ سُلَيْمَانِ السُّوَيْفِيِّ الشَّافِعِيِّ وَفَّقَهُ اللَّهُ لِحُسْنِ الْعَمَلِ وَغَفَرَ لَهُ مَا كَانَ مِنْ الزَّلَلِ: إنِّي اطَّلَعْت عَلَى شَرْحِ الْخَطِيبِ عَلَى أَبِي شُجَاعٍ بِخَطِّ شَيْخِنَا الْعَلَّامَةِ الشَّيْخِ سُلَيْمَانِ الْبُجَيْرِمِيِّ، فَرَأَيْت عَلَيْهِ حَوَاشِيَ رَقِيقَةً وَنِكَاتٍ دَقِيقَةً وَتَحْرِيرَاتٍ شَرِيفَةً مِمَّا نَقَلَهُ مِنْ الْحَوَاشِي الْمُعْتَمَدَةِ وَتَلَقَّاهُ عَنْ أَشْيَاخِهِ الْفُضَلَاءِ.
ثُمَّ إنَّ شَيْخَنَا الْمَذْكُورَ وَكَثِيرًا مِنْ الْإِخْوَانِ الْمُخْلِصِينَ وَالْأَعِزَّاءِ الْمُصْلِحِينَ، طَلَبُوا مِنِّي تَجْرِيدَ ذَلِكَ لِيَكُونَ حَاشِيَةً مُسْتَقِلَّةً، فَيَعُمُّ بِهَا الِانْتِفَاعُ لِمَا رَأَوْا مِنِّي مِنْ الْإِخْلَاصِ فِي الْعَمَلِ وَالِاشْتِغَالِ بِالْعِلْمِ مَعَ الِانْقِطَاعِ، فَأَجَبْتهمْ إلَى ذَلِكَ قَاصِدًا بِهِ الْأَجْرَ وَالثَّوَابَ، وَلِيَكُونَ ذَخِيرَةً لِي وَلِشَيْخِنَا الْمَذْكُورِ يَوْمَ الْمَآبِ، وَسَمَّيْتهَا: تُحْفَةُ الْحَبِيبِ عَلَى شَرْحِ الْخَطِيبِ وَقَدْ كُنْت جَرَّدْت لَهُ قَبْلَ ذَلِكَ مَا عَلَى نُسْخَةِ الْمَنْهَجِ، وَزِدْته كَثِيرًا مِنْ الْحَوَاشِي، فَتَلَقَّاهُ النَّاسُ بِالْقَبُولِ جَعَلَ اللَّهُ ذَلِكَ خَالِصًا لِوَجْهِهِ الْكَرِيمِ، وَسَبَبًا لِلْفَوْزِ بِجَنَّاتِ النَّعِيمِ.
وَقَوْلُهُ: (بِسْمِ اللَّهِ إلَخْ) ابْتَدَأَ بِالْبَسْمَلَةِ اقْتِدَاءً بِالْكُتُبِ السَّمَاوِيَّةِ الَّتِي أَشْرَفُهَا الْكِتَابُ الْعَزِيزُ، لِمَا نُقِلَ عَنْ أَبِي بَكْرٍ التُّونُسِيِّ مِنْ إجْمَاعِ عُلَمَاءِ كُلِّ مِلَّةٍ عَلَى أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى افْتَتَحَ كُلَّ كِتَابٍ بِبِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ الدَّالِّ لَهُ خَبَرُ: «بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ فَاتِحَةُ كُلِّ كِتَابٍ» . وَلَا يُنَافِيهِ خُصُوصِيَّةُ نَبِيِّنَا وَأُمَّتِهِ بِهَا إذْ الْمُخْتَصُّ اللَّفْظُ الْعَرَبِيُّ بِهَذَا التَّرْتِيبِ، وَأَمَّا مَا فِي النَّمْلِ عَنْ سُلَيْمَانَ، فَهُوَ تَرْجَمَةٌ عَمَّا فِي كِتَابِهِ لِبِلْقِيسَ، إذْ لَمْ يَكُنْ عَرَبِيًّا، وَإِنْ كَانَ كُلُّ كِتَابٍ نَزَلَ مِنْ السَّمَاءِ عَرَبِيًّا، لَكِنْ عَبَّرَ كُلُّ نَبِيٍّ عَنْ كِتَابِهِ بِلِسَانِ قَوْمِهِ، وَلَا يُنَافِيهِ أَمْرُهُ ﵇ بِكَتْبِ بِاسْمِك اللَّهُمَّ إلَى نُزُولِ: ﴿بِسْمِ اللَّهِ مَجْرَاهَا وَمُرْسَاهَا﴾ [هود: ٤١]، فَأَمَرَ بِكَتْبِ بِسْمِ اللَّهِ إلَى نُزُولِ ﴿قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمَنَ﴾ [الإسراء: ١١٠] فَأَمَرَ بِكَتْبِ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ إلَى نُزُولِ آيَةِ النَّمْلِ، فَأَمَرَ بِكَتْبِهَا بِتَمَامِهَا، فَإِنَّهُ يَقْتَضِي عَدَمَ افْتِتَاحِ الْقُرْآنِ بِهَا لِاحْتِمَالِ عَدَمِ عِلْمِهِ بِافْتِتَاحِ الْقُرْآنِ بِهَا قَبْلَ الْأَمْرِ بِذَلِكَ لَكِنَّهُ بَعِيدٌ، إذْ كَيْفَ يَتَأَخَّرُ عِلْمُهُ إلَى نُزُولِ آيَةِ النَّمْلِ، وَقَدْ يُقَالُ لَا بُعْدَ فِيهِ لِاحْتِمَالِ عَدَمِ عِلْمِهِ بِذَلِكَ حَالَ نُزُولِ مَا قَبْلَ الْفَاتِحَةِ، بَلْ عَلِمَ بِذَلِكَ عِنْدَ تَرْتِيبِ الْقُرْآنِ، وَلَا يُنَافِيهِ أَيْضًا أَنَّ مَعَانِيَ الْكُتُبِ مَجْمُوعَةٌ فِي الْقُرْآنِ وَمَعَانِيهِ فِي الْفَاتِحَةِ وَمَعَانِيهَا فِي الْبَسْمَلَةِ، فَإِنَّ هَذَا يَقْتَضِي اخْتِصَاصَ الْقُرْآنِ بِهَا لِأَنَّ الْمُخْتَصَّ اللَّفْظُ الْعَرَبِيُّ عَلَى هَذَا التَّرْتِيبِ كَمَا مَرَّ، فَظَهَرَ أَنَّ قَوْلَهُمْ اقْتِدَاءٌ بِالْكِتَابِ الْعَزِيزِ لِلِاقْتِصَارِ عَلَى الْأَشْرَفِ أَوْ لِجَمْعِهِ لَهَا أَوْ نَسْخِهِ إيَّاهَا. اهـ. مَدَابِغِيٌّ، وَفِي قَوْلِهِ: اقْتِدَاءً بِالْكُتُبِ السَّمَاوِيَّةِ نَظَرٌ، لِأَنَّهُ يَقْتَضِي أَنَّ شَرْعَ مَنْ قَبْلَنَا شَرْعٌ لَنَا، وَهُوَ قَوْلٌ ضَعِيفٌ فِي مَذْهَبِنَا وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّ شَرْعَ مَنْ قَبْلَنَا لَيْسَ شَرْعًا لَنَا، وَإِنْ وَرَدَ فِي شَرْعِنَا مَا يُقَرِّرُهُ.
قَوْلُهُ: (الْحَمْدُ لِلَّهِ إلَخْ) هُوَ حَمْدٌ فِي مُقَابَلَةِ نِعْمَةٍ، لِأَنَّ تَعْلِيقَ الْحُكْمِ بِالْمُشْتَقِّ يُؤْذِنُ بِعِلِّيَّةِ مَا
1 / 5