Tuhfat Acyan
تحفة الأعيان لنور الدين السالمي
Noocyada
وقد قال الله تعالى ( وأوفوا بالعهد إن العهد كان مسئولا ) ولا تكتبوا لأحد رقاعا خالية فارغة؛ فإن ذلك يخرج مخرج السخرية والهزل , وقد قال الله تعالى ( لا يسخر قوم من قوم ) ولا تفرضوا إلى أحد الحكم بين الناس , ولو كان لكم وليا , حتى يكون ممن يبصر وجه الحكم , ولا تولوا واليا على بلد ولا على حرب ولو كان لكم وليا حتى يكون عالما بعدل ما تولونه عليه , ولا تأخذوا الزكاة من الناس بالقيد والحبس على التهم؛ ولا تقولوا لمن تتهمونه بكتمان الزكاة إنا لا نقبل منكم إلا بكذا وكذا , وهذا كأنه حكم ولا يجوز مع المسلمون الحكم بالتهمة؛ وأن لا تبعثوا في طلب الزكاة من الناس غير الثقاة لتوكلوهم في تسليمها إليكم , فإنه قد قيل إن هذا لا يجوز , وأن لا تزيدوا على خدمكم فيما تعطونهم من أجرة خدمتهم خلاف سعر البلد , ولا تأخذوا عطياتكم بغير حساب , فإن هذا لا يفعله صاحب دين ولا دنيا إلا ما شاء الله , وأن لا تكتبوا إلى ولاتكم وأمنائكم رقاعا لا يجوز لهم أن يعملوا بها , وان لا تنفوا المسلمين ولا تعاقبوهم بالتهم والظنون فإن العدول لا تهمة عليهم , وإن عاقبتم أحد من المسلمين فعرفوه خطأه الذي أوجب عقوبته عندكم , وإن بلغكم عن أحد من أهل الصلاح ما تكرهونه فلا تعجلوا في عقوبته حتى يظهروا الحجة عليه عند المسلمين؛ وأن لا تعرضوا لأحد في فعل منكر تأويلا منكم إنكم لم تأمروا تصريحا لم يلزمكم في التعريض , بل قد قيل إن التعريض يقوم مقام الأمر الصريح؛ وأن لا تعملوا بالآحاد من الأخبار التي لا عمل عليها عند المسلمين , وأن تقربوا أهل الصلاة وتدنوهم من أنفسكم وتبعدوا أهل الجهل والسفل , وتنزلوا كلا منهم حيث أنزل نفسه , وأن تعتذروا إلى من لحقه منكم جفاء من المسلمين , وأن ترجعوا في العبدة التي اشتريت من عند أبي الفرج , والبيت الذي اشتري من عند موسى الفرقاني إلى قول المسلمين وما يوجب الحق في ذلك , وأن ترجعوا في حكم المال الذي يمنح إلى قول المسلمين , ولا يستبد القاضي فيه برأيه دون المسلمين , وأن لا تعرضوا من عند أبي العرب ابن أبي جابر شيء من ماله بقرض ولا معونة ولا عاربة؛ ولا تمنع ورثة إبراهيم ابن عبدالله من ماله بغير حجة ولا حكم , فإنا لا نعلم في ذلك جوازا , فإذا سألكم أحد حاجة؛ فإما نعم منجزة , وإما لا مريحة , فإن المماطلة عند العطاء تنغيص وتنكيد , والمماطلة مع الحرمان سخرية وهزل , وكلا الحالين مذمومان عند ذوي الدين , وإنما يفعل ذلك من هانت عليه نفسه ودينه وعرضه.
Bogga 283