قلنا: يصل إليه بدله وهو إسقاطه ما يوازيه من العقاب ورد بتخصيص الآية، بقوله تعالى: {إنما يتقبل الله من المتقين}) والعاصي غير متق فتقبل طاعته ورد بعدم تسليم أن المؤمن العاصي غير متقي بأن الجمع المعرف باللام من المسائل المختلف فيها، فقال الجويني: تحتمل العموم إذا لم تحتمل العهد لترددها بينهما حتى تقوم القرينة على إرادة أحدهما وقال أبو هاشم بل هو للجنس الصادق ببعض الأفراد من الجماعات فلا تفيد العموم مالم تقم قرينة عليه فيصدق على المؤمن لأنه اتقى الشرك ولو سلم إطلاق اسم التقوى على معناه الأعم فمفهومها لا يعارض المنطوق ولا يخصصه هذا مع تسليم أن الآي لا تتوقف على الأسباب وإلا ففيها خلاف لا يخفى سلمنا إفادة الألف واللام للعموم فيصير العموم لجميع المتقين، وهو يصدق على المؤمن العامل لبعض الطاعات لإتقاه ترك ذلك وكذلك التارك اتقى فعل المنهي عنه لو لم تحمل الآية على ما ذكرنا لزم وجوب القضاء على فاعل الكبيرة قبل التوبة ولا قائل به قالوا ومخصصة أيضا بقوله تعالى: {إني لا أضيع عمل عامل منكم} والخطاب للمؤمنين فقط، ورد بتسليم المدعى أن أعمال المشركين غير مكتوبة ولا مقبولة لمكان الشرك، فالآية من أدلة مثبتي الموازنة إذ تمدح الله سبحانه بعدم تضييع أعمال المؤمنين وأطلق، فلا يخرج صاحب الكبيرة إلا بدليل يعارض مطلق الآية ولا يجهل عدم العصمة فيهم، بل الله عالم بأنهم سيذنبون بل أجاب النبي (ص) على من قال له إن فلانا يسرق ويصلي أن صلاته تنهاه فلو كانت غير مقبولة لما أطلق عليها النبي (ص) أنها تنهاه وهو إذ ذاك فاعل كبيره وتمدح لهم بما ذكر في الآية قالوا ومخصصة أيضا بقوله تعالى: {وقدمنا إلى ما عملوا من عمل فجعلناه هباء منثورا} والآية في سياق المجرمين عموما ورد بأن سياقها في المشركين سلمنا فمخصصة بقوله تعالى: {إني لا أضيع عمل عامل منكم} قال مثبتوا لاموازنة يفرق العقل بين من أحسن بعد الإساءة وبين من أساء ولم يحسن ورد أنه يحسن في العقل رد إحسان المسيء الغير المقلع عن الإساءة ورد أنه لا يحسن الإساءة على الحسنة بل على الإساءة نفسها وهو المطلوب كيف والنبي صلى الله عليه وآله وسلم وأرباب العقول يحثون على التجاوز عن الإساءة من المحسن ومن المسيء.ولنا مفهوم قوله سبحانه وتعالى: {أولئك الذين كفروا بآيات ربهم ولقائه فحبطت أعمالهم فلا نقيم لهم يوم القيامة وزنا} ومنطوق قوله سبحانه: {لها ما كسبت وعليها ما اكتسبت} وقوله: {فأما من ثقلت موازينه فهو في عيشة راضية...الآية} والتمدح في القرآن والسنة بأن الحسنة بعشرة أمثالها والسيئة كنفسها من أجل الأدلة على ثبوت الموازنة التي بمعنى المقابلة والمبادلة وإلا كان العدد عبثا لا فائدة تحته ولولا الموازنة لما كان لوجدان الأعمال يوم القيامة فايدة وأفعال الله سبحانه معللة بالحكمة، قال سبحانه: {يوم تجد كل نفس ما عملت من خير محظرا وما عملت من سوء} الآية، وبالجملة فالكتاب والسنة والقياسات العقلية منادية على ثبوت الموازنة، وأما قوله تعالى: {إن تحبط أعمالكم}...إلخ. فهو تحذير لهم من عاقبة الجهر الذي هو بمعنى الرد عليه كردهم على بعضهم الآخر وردهم عليه خروج من طاعته والتصديق بما جاء به وذلك كفر بالاجماع بمعنى الشرك أو الجحود أو أن تلك المعصية بلغ كبرها مقابلة جميع الأعمال حتى كأنها لم تعمل فأطلق لها لفظ الإحباط على جهة الإستعارة (والمحب(1) لأهل بيته والقاضي لهم حوائجهم والضارب بين أيديهم بسيفه) روي في صحيفة علي بن موسى رضي الله عنه بسنده قال، قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: أربعة أنا شفيع لهم يقوم القيامة: المكرم لذريتي والقاضي لهم حوائجهم، والساعي لهم في أمورهم عندما اضطروا إليها، والمحب لهم بقلبه ولسانه. وروى المنصور بالله في الشافي مسندا كما في الأصل وهو عند أبي طالب في أماليه وهو من الأخبار المشهورة المتلقاه عند العترة بالقبول ومعناه كثير من كتبهم وكتب غيرهم (وفي الفاسق الخلاف) فذهب بعض المرجية إلى إثبات الشفاعة لأهل الكبائر من أمته فيخرجهم الله بها من النار إلى الجنة وبعضهم ذهب إلى أنه يشفع لهم قبل دخول النار فلا يدخلونها. قالوا: ورد الإستثناء في قوله تعالى: {إلا ما شاء ربك} وفسروه بخروج أهل الكبائر بالشفاعة ورد بأن الإستثناء هو مقامهم مدة القيامة إلا الوقوف في المحشر فمقطوع به كما في حق أهل الجنة وفي هذا الجواب ركة لأنه لا يستثنى إلا من واقع ومدة القيامة غير مقصودة من سياق اللفظ وورد أيضا بقوله تعالى: {وماهم بخارجين من النار} وذهب جمهور أئمتنا عليهم السلام إلى المنع من الشفاعة للفاسق واحتجوا بقوله تعالى: {ما لهم من الله من عاصم}، وقوله تعالى: {ليس بأمانيكم ولا أماني أهل الكتاب من يعمل سوءا يجز به ولا يجد له من دون الله وليا ولا نصيرا}، وقوله تعالى: {ما للظالمين من حميم ولا شفيع يطاع} وغير ذلك.
Bogga 50