ولا يقال هذا الكلام أحادي فإن الآيات القرآنيه دالة على معناه، قال تعالى: {يا آيها الذين آمنوا لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل}، إلى قوله: {ومن يفعل ذلك عدوانا وظلما فسوف نصليه نارا}، وقوله في آخر آية المواريث {ومن يعص الله ورسوله ويتعد حدوده} أي فيما فرض ندخله نارا خالدا فيها وله عذاب مهين، ثم إنهم ذكروا أن نهج البلاغة متلقى عند الآل بالقبول ولا يخفى أن الأخبار في الوعد والوعيد بلغت حد التواتر المعنوي في جميع دواوين الإسلام ولا يشترط العدالة في رجال المتواتر وقوله في الأصل: وطلب الضروري من هذه العمومات مفقود يعني فأما القطعي الغير الضروري فحاصل في بعض آيات الوعيد إذ عمومها أقل من عموم آيات الوعد والأقل عموما مقدم على الأكثر أما بمعنى الترجيح أو التخصيص لا يجهل ذلك إلا جهول فأما مفاهيم عموم الوعيد وما الحق بها من جهة القياس فالظاهر أن ذلك لا يعارض المنطوق من عموم الوعد وللناظر نظره وأما أنه يلزم التعارض بين القطعيات في هذه المسألة فغير مسلم لأن آيات الوعد والوعيد لم تناول شيئا واحدا، بمعنى الخصوص فأما بمعنى العموم والمفاهيم فلأضعف منتف مع وجود الأقوى فلا تعارض، وأما العفو من الله فحسن عقلا وسمعا ما لم يؤد إلى الأغراء، لأنه قبيح والله يتعالى عن الرضى بالقبيح أو الأمر به والتأويل مفتوح في كل الأدلة على أن الأولى هو الوقف فيما لم يرد فيه دليل خاص لا سيما والأخبار في معنى الترغيب والترهيب لا تخلو من المطاعن النافذة والسهام القاسطة والكيس من عمل لنفسه ولم يتكل على ترغيب الحشوية والمرجية وعند الصباح يحمد القوم السرى، وأما مجرد الرجاء من غير عمل فمن بضايع النوكا، قال سبحانه وتعالى: {يا آيها الذين آمنوا اتقوا الله ولتنظر نفس ما قدمت لغد واتقوا الله إن الله خبير بما تعملون ولا تكونوا كالذين نسوا الله فأنساهم أنفسهم أولئك هم الفاسقون}، وقال سبحانه: {وادعوه خوفا وطمعا إن رحمة الله قريب من المحسنين}، وقال: {ورحمتي وسعت كل شيء فسأكتبها للذين يتقون ويؤتون الزكاة والذين هم بأياتنا يؤمنون}.
(باب الإيمان والإسلام والكفر
مسألة: الإيمان تصديق قلبي) وهو الذي (يستلزم عمل المصدق بما علم مجيء الشرع به) لأن ما لا يستلزم العمل ليس بتصديق لأنه عبارة عن اليقين العلمي، ولهذا اتحد مأخذ إشتقاقي العلم والعمل فهما من الاشتقاق الكبير ضرورة كون العاقل لا يعمل على غير ما يعلم، وإنما يعمل على ذلك الجاهل فقوله: يستلزم إلى آخره وصف كاشف لا مخصص وبذلك يبطل ما يقال إن الفاسق مصدق (وقيل) في حقيقة الإيمان (هو تأمين النفس من عذاب الله) بالأعمال الصالحات وترك المنهيات وهو قول من يثبت الحقايق الدينية(والمعنى واحد) أي معنى القولين لاستلزام العمل لا من جهة الاشتقاق وهل يدخل من استوت حسناته وسيآته في الحد الظاهر دخوله على القول الأول لحصول العمل قطعا، وعلى الثاني لأمانه من العذاب بعدم الذنب.
Bogga 33