الفصل الثالث
في شوارع الإسكندرية
- والله يا سيدي تفرجنا على إشيا كتيرة وما خلينا مطرح إلا رحناله، ولا فاتنا ولا أكلة، حتى يوسف أفندي أكلناه. - بعدهم بينادوا وبيغنوا عالفاكهة؟ - معلوم! كل عشر أفنديات بقرش، لكن في مسألة ما كنت قدر حلها، وهي كل الخضر بينادوا لها: يا «لوبيا»؛ الخيار لوبيا، والبتنجان لوبيا، والفجل لوبيا، والفول الأخضر لوبيا، والقرع لوبيا، واللوبيا لوبيا. يفضح ديبهم! كله لوبيا بلوبيا! - اللوبيا يا فنيانوس بيعنوا فيها الشيء الطري، وبدل ما يقولوا طرية مصطلحين عا كلمة لوبيا. - والغريب اللي متل درب حكايتي شو بيعرفه؟ بيخمن إنهم ما بياكلوا إلا اللوبيا.
وصارت لك معنا نهفة يا ابو الاجران شو بدي أحكي لك، بتموت من الضحك: لما وصلنا عالمنشية، وهونيك في تمثال محمد علي باشا جد جد الخديوي عباس راكب على حصانه، ما شفت لك إلا وبسلامته اللي معي واللي قلت لك عنه حمار، ركع قدام التمثال وصار يصلي، أنا أخدتني الجمدة، قلت اله: شو هذا؟ قال: تركني تا كفي الصلاة لمار جريوس. قلت اله: يخرب بيتك، شو؟ مار جرجس لابس عمة؟ قوم أحسن ما تجمع الناس علينا. وحياتك ما قام إلا تا كفى صلاته. - بالحقيقة إنه حمار. - الخلاصة: رجعنا عالبابور، وفي ذات الليلة سافرنا، وكان مع محسوبك شوية دخان من الغويانو اللي بعلمك منه الملفوف متل الحبال بيوزنوا عشرة كيلو، وصرت حاير بامري، كيف بدي أعمل تا هربن عا مينة بيروت؟ أخيرا افتكرت فكر بغاية الموافقة، وقمت حالا فكيت الربطة وكريت حبل الدخان وحزمت فيه الفرشة حزمة تعجبك، وقلت: «مش رح يعرفوه، بيخمنوه حبل شعر.»
الفصل الرابع
النزول إلى البر في شختورة الحج شمطو
قول يا أفندم، بلا طول سيرة، تالت يوم وصلنا عا بيروت، وما لحق البابور يرخي الياطر إلا وجو إلك البحرية متل الغضب! والعياذ بالله! وجوه قافطة وجبه معقدة وكلام خشن وعياط وضجة، شي بيخوت الراس. الخلاصة: قمنا قاولنا بحري اسمه الحج شمطو بريال مجيدي ونزلنا، ولما وصلنا عالبر ناولته المجيدي وانتظرت ليقول: «كتر خيرك، الحمد لله عالسلامة.» ما لقيت لك إياه إلا مفنجر عينيه في متل الغضب، وقال لي: «انتو جايين من أميركا، واللي بيجوا من أميركا مفروض على كل راس منهم ليرة انكليز.» قال: «على كل راس» ابن الحرام، ما كأنا إلا غنم. قلت اله: «نحنا جايين من بر مصر يا حج شمطو، موش سامعني ازاي اكلمك مصري كدا هو؟» قال: «لا كدا هو ولا مدا هو! كل هالحكي ما منه إفادة. حطوا كل واحد ليرة من غير طالع ونازل.»
قام المحروس اللي معي واللي قلت لك إنه حمار واللي ركع وصلى لمحمد علي ظانه مار جريوس، قال له: «نو سنيور، نحنا موش جايين من أميركا.» ولما سمع عمك الحج شمطو كلمة نو سنيور قال: «ما دام المسألة فيها نو سنيور دفعوا كل واحد ليرتين» (منيحة والله!) قلت اله: «هيدا حمار ما بيعرف يحكي، لا تصدقه.» وصرت طلع ونزل معه، لقيت ما فيها فايدة، شاورت عقلي تا انده شي بوليس، شي همشري، قلت بفكري: «يمكن متل قلتها، لا يا صبي سلكها كيف ما كان الأمر.» ودفعنا كل واحد ليرتين، وبعده التفت لك لرفيقي ورحت ناسفه كف طلع الشرار من عينيه، شفيت غلي منه المقصوف العمر؛ ما انطلق لسانه بالبرتوغاز إلا عا بنط بيروت قال نو سنيور!
الفصل الخامس
في صالية التفتيش
Bog aan la aqoon