Tuhaf
التحف شرح الزلف
Noocyada
إحتيال هارون
فلما ورد جوابه أثنى وساده، ومنعه رقاده، وظن أن مدتهم قد قرب انقضائها، فشاور أهل الرأي والوزراء والعمال، وفقهاء السوء، وقضاة الجور، فاستبهم عليهم باب الخطب، وعظم الوجل، وتناهى الكرب، فقال أبو البختري وهب بن وهب لعنه الله، وكان من قضاته، بل جعله قاضي القضاة: يا أمير المؤمنين علي أحتال لك حتى يسلم يحيى من جستان، قال: وكيف ويلك تعمل؟
قال: اجمع من وجوه أهل قزوين وزنجان، والري وأبهر وهمذان، وعلمائها من قدرت، ويشهدون عند جستان أني قاضي القضاة، وأشهد أن يحيى لك عبد.
فقال سليمان بن فليح - وكان على ديوان الخراج -: وأنا أسير معه يا أمير المؤمنين، فيشهدون عنده أني صاحب ديوان خراج الأرض، ثم أشهد عنه أنه عبد لك.
قال أبو البحتري: ويأمرنا أمير المؤمنين بمن لم يشهد لنا ومعنا فنضرب عنقه ونصطفي ماله، فإنه أمير المؤمنين إذا فعل ذلك بهم شهدوا جميعا على جستان، ورده إلى ما يحب أمير المؤمنين، ويشهدون هم بمثل ذلك تقوية للخلافة، فسرى عند سماعه هذه الحيلة غمه، وانجلى كربه وهمه، وأمر لأبي البختري بثلاثمائة ألف درهم، وأمر لسليمان بن فليح بمائة ألف درهم، ووجه من فوره إلى الفضل بن يحيى، وأمر أن من امتنع من الشهادة ممن قد ذكره ضرب عنقه، واصطفى ماله، ومن شهد أكرم وأسقط عنه الخراج.
فجمع من العلماء من أهل الجهات التي ذكرناها، والنواحي التي سميناها ممن يعرفهم جستان ألف وثلاثمائة، فشهدوا له بأن أبا البختري قاضي القضاة، وشهد لجستان بأن يحيى عليه السلام عبد لهارون، وليس بابن بنت النبي عليه الصلاة والسلام وعلى آله.
Bogga 128