99

تثبيت الإمامة وترتيب الخلافة

تثبيت الإمامة وترتيب الخلافة لأبي نعيم الأصبهاني

Baare

الدكتور علي بن محمد بن ناصر الفقيهي دكتوراه في العقيدة بمرتبة الشرف الأولى

Daabacaha

مكتبة العلوم والحكم

Lambarka Daabacaadda

الأولى

Sanadka Daabacaadda

١٤٠٧ هـ - ١٩٨٧ م

Goobta Daabacaadda

المدينة المنورة

Noocyada

١٦٥ - قَالَ: وَقَالَ الشَّعْبِيُّ: «مَا وَلَدَتْ هَمْدَانِيَّةٌ مِثْلَ مَسْرُوقٍ» فَكَانَ مِمَّا نَتَجَ عَنْ قَتْلِهِ وَحَصْرِهِ تَفْرِيقُ ذَاتِ الْبَيِّنِ وَإِسْلَالَ السُّيُوفِ، وَإِرَاقَةَ الدِّمَاءِ وَالْخَوْفِ بَعْدَ الْأَمْنِ وَأُلْبِسُوا شِيَعًا وَأُذِيقَ بَعْضُهُمْ بَأْسَ بَعْضٍ تَحْقِيقًا لِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ ﵎ فِي كِتَابِهِ وَتَصْدِيقًا لمَا وَعَدَ عَلَى لِسَانِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ. قَالَ اللَّهُ ﵎: ﴿وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ﴾ [النور: ٥٥] الْآيَةَ. فَبَانَ لِلْمُسْلِمِينَ مَا مَكَّنَ اللَّهُ تَعَالَى بِهِ نَبِيَّهُ ﷺ وَالْمُؤْمِنِينَ مِنِ اسْتِخْلَافِهِمْ فِي الْأَرْضِ وَعِبَادَتِهِمْ لَهُ أَمْنًا، غَيْرَ مُشْرِكِينَ بِهِ شَيْئًا ظَاهِرِينَ عَلَى الْعَرَبِ كَافَّةً وَأَذَلَّ بِهِمُ الْكُفْرَ وَدَمَغَ بِهِمُ الْبَاطِلَ وَأَقَامَ بِهِمُ الْحَقَّ وَمَنَارَ الْإِسْلَامِ وَالدِّينِ، ثُمَّ اخْتَارَ لِنَبِيِّهِ ﷺ مَا عِنْدَهُ فَقَبَضَهُ إِلَيْهِ بَعْدَ كَمَالِ الدِّينِ، وتَمَامِ النِّعْمَةِ عَلَيْهِ وَأَدَاءِ مَا حَمَلَهُ مِنَ الرِّسَالَةِ وَإِبْلَاغِهِ صَابِرًا مُحْتَسِبًا، صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَبَرَكَاتُهُ. ثُمَّ قَامَ مَقَامَهُ الصِّدِّيقُ ﵁ وَأَرْضَاهُ، فَقَامَ مَقَامَهُ فِي إِقَامَةِ الْحَقِّ وَحِفْظِ الدِّينِ وَصِيَانَةِ أَهْلِهِ، فَقَاتَلَ مَنِ ارْتَدَّ مِنَ الْعَرَبِ مَوَفَّقًا رَشِيدًا، مَكَّنَ لَهُ فِي الْأَرْضِ وَانْتَظَمَ بِهِ مَا كَانَ مُنْتَشِرًا بَعْدَ قَبْضِ نَبِيِّهِ ﷺ، وَأَعْلَى اللَّهُ ﵎ دَعْوَتَهُ ⦗٣٥٠⦘ وَأَعَزَّ نَصْرَهُ، فَعَادَ إِلَى الْإِسْلَامِ مَنِ ارْتَدَّ مَهِينًا ذَلِيلًا، وَقُتِلَ مَنْ قُتِلَ مِنْهُمْ مَخْذُولًا مَخْزِيًّا، فعَبَدَتِ الْعَرَبُ رَبَّهَا تَعَالَى فِي أَيَّامِهِ لَا تُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا. ثُمَّ قَبَضَ اللَّهُ تَعَالَى أَبَا بَكْرٍ طَاهِرًا زَكِيًا حَمِيدًا، رَفِيعًا دَرَجَتُهُ، مَحْمُودًا سِيرَتُهُ رَحْمَةُ اللَّهِ وَرِضْوَانُهُ عَلَيْهِ. ثُمَّ اسْتُخْلِفَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ ﵁ وَأَرْضَاهُ بَعْدَهُ لَمْ يَخْتَلِفْ فِيهِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ اثْنَانِ، وَلَا انْتَطَحَ فِيهِ عَنْزَانِ، كَلِمَتُهُمْ وَاحِدَةٌ وَأَيْدِيهِمْ عَلَى أَعْدَائِهمِ بَاسِطَةٌ، وَأَحْكَامُهُمْ عَلَى مَنْ خَالَفَهُمْ نَافِذَةٌ، آمِنِينَ مُطْمَئِنِّينَ، يُقَاتِلُونَ الْعَجَمَ وَيَسْبُونَهُمْ، فَأَعَزَّ اللَّهُ الْإِسْلَامَ بِهِ وَمَصَّرَ الْأَمْصَارَ، وَفَتَحَ بِهِ الْفُتُوحَ، وَأَذَلَّ بِهِ الطُّغَاةَ وَالْكَفَرَةَ، وَأَغْنَى بِهِ الْمُؤْمِنِينَ الْبَرَرَةَ، ثُمَّ قَبَضَهُ اللَّهُ ﷿ إِلَيْهِ شَهِيدًا فَعَلَيْهِ رَحْمَةُ اللَّهِ تَعَالَى وَرِضْوَانُهُ. ثُمَّ اجْتَمَعَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ بَعْدَهُ عَلَى اسْتِخْلَافِ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ ﵁ وَأَرْضَاهُ مِنْ غَيْرِ اخْتِلَافٍ وَلَا تَنَزُعٍ، مَكَّنَ لَهُ فِي الْأَرْضِ، فَتَحَ اللَّهُ تَعَالَى بِهِ أَقَاصِيَ الْأَرْضِ، فَنَعِمَ الْمُؤْمِنُونَ فِي أَيَّامِهِ لِرَأْفَتِهِ، بِهْمْ، وَخُزِيَ فِي دِيَارِهِمُ الْكُفَّارُ لِغِلْظَتِهِ عَلَيْهِمْ، حَتَّى أَتَتْهُ الشَّهَادَةُ الَّتِي بَشَّرَهُ اللَّهُ تَعَالَى بِهَا عَلَى لِسَانِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، وَشَهِدَ لَهُ بِهَا فِي غَيْرِ مَجْلِسٍ، مَعَ إِخْبَارِهِ أَنَّهُ وَأَصْحَابَهُ عِنْدَ ظُهُورِ الْفِتْنَةِ عَلَى الْهُدَى وَأَنَّ مُخَالِفِيهِ عَلَى ضَلَالٍ، وَذَلِكَ عِنْدَ ظُهُورِ مِنْ حُرِمَ صُحْبَةَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، وَاجْتَرؤا عَلَى حُرْمَةِ مَنْ صَحِبَهُ بِتَأْوِيلِهِ وَرَأْيِهِ وَسَيفِهِ فِي الْإِفْسَادِ وَالتَّفْرِقَةِ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ. رَأْسُ الْفِتْنَةِ وَقَادَةُ الْأَبَاطِيلِ يَرَوْنَ أَنَّهُمْ أَفْضَلُ مِمَّنِ اخْتَارَهُ اللَّهُ لِصُحْبَةِ الرَّسُولِ ﷺ وَإِقَامَةِ الدِّينِ، مِنْ أَهْلِ مِصْرَ لَا أهْلِ بَدْرٍ، قَائِدُهُمُ الْأَشْتَرُ فِي إِخْوَانِهِ مِنْ أَهْلِ الْجَهْلِ وَالْغَيِّ مِنْ أَهْلِ الْكُوفَةِ مِنْ قَبَائِلِ عَبْسٍ، أَوَّلُ قَوْمٍ أَحْدَثُوا وَانْتَهَكُوا حُرْمَةَ الْمَدِينَةِ، وَأَحْدَثُوا فِيهَا فَبَاءُوا بِلَعْنَةِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ وَهُوَ مَا:

1 / 349